البدل
تعريف: يتضح تعريفه مما يأتي: لو سمعا من يقول: "عدل الخليفة" لفهما المراد، وكادت الفائدة المعنوية تتم، لولا ما يشوبها من بعض النقص الواضح؛ إذ تتطلع النفس إلى معرفة هذا الخليفة، واسمه، وتتعدد الخواطر بشأنه؛ أأبو بكر هو، أم عمر، أم عثمان، أم علي … و … ؟ فلو أن المتكلم قال: عدل الخليفة "عمر" –مثلا- ما شعرنا بذلك النقص المعنوي: لأن "عمر" هو المقصود الأساسي بالحكم الذي في هذه الجملة، "أي: هو الذي ينسب العدل إليه"، فليس لفظ "الخليفة" هو المقصود الأصيل بهذا الحكم، وبهذه النسبة. وكذلك لو قلنا: اتسع مجال الحضارة في زمن: "ابن الرشيد"، لكانت الجملة مفيدة. لكن السامع -بالرغم من هذه الإفادة- يشعر بنقص معنوي كبير تدور بسببه أسئلة متعددة: من ابن الرشيد هذا؟ ما اسمه؟ ما زمنه؟ … أهو الأمين، أم المأمون، أم غيرهما … ؟ فإذا قلنا: اتسع مجال الحضارة في زمن ابن الرشيد المأمون اكتملت الإفادة من هذه الناحية المعينة، وزال النقص بسبب ذكر::"المأمون"، الذي هو المقصود الأصيل من الحكم السابق، ومن نسبة اتساع المجال إليه. فكلمة: "عمر" تسمى: "بدلا"، وكذلك كلمة: "المأمون"، واشباههما من كل كلمة تكون هي المقصودة في الجملة بالحكم بعد كلمة سبقتها؛ لتمهد الذهن للمتأخرة عنها، وتوجه الخاطر إليها، وليس بين الكلمتين رابط لفظي يتوسط بالربط بينهما. ولهذا يقولون في تعريف البدل: "إنه التابع1 المقصود وحده بالحكم المنصوب إلى تابعه، من غير أن تتوسط –في الأغلب2- واسطة لفظية بين التابع والمتبوع". ومن هذا التعريف يتضح الفرق بين البدل والتوابع الأخرى: فالنعت والتوكيد وعطف3 البيان، ليست مقصودة بالحكم، وإنما هي مكملة له بوجه من الوجوه التي سبقت في أبوابها. وعطف النسق لا بد فيه من الواسطة، وهي أداة العطف. هذا إلى أن ما بعد هذه الأداة قد يكون مخالفا في الحكم لما قبلها فلا يكون مقصودا به، وقد يشاركه في الحكم ولكنه لا ينفرد به فلا يكون هو المقصود وحده4 … والأغلب في "البدل" أن يكون جامدا، ومن القليل الجائز أن يكون مشتقا5. فإذا أمكن إعراب المشتق شيئا آخر يصلح له، كان أولى6