المنشورات

عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه [السلطان الأول

 للدولة العلية. وله نسب يتصل إلى أوغز بن قرة خان من ملوك تركستان وكان سليمان شاه حاكمًا في بلدة ماهان فلما وقعت فتنة الجنكزية سنة 621 ترك تلك البلاد مع من تركها من الملوك وقصد بلاد الروم، وكان قد سمع بدولة السلجوقية بها وعِظَم شوكتهم وتبعه خلق كثير، فلما وصلوا إلى أرزنجان قاتلوا الكفار وغنموا منهم شيئًا كثيرًا ثم قصدوا صوب حلب من ناحية ألبستان فوصلوا إلى نهر الفرات أمام قلعة جعبر ولم يعلموا المعبر فعبروا النهر فغلب عليهم الماء فغرق سليمان شاه ثم أخرجوه ودفنوه عند القلعة وقبره اليوم مزار. وكان معه أولاده الثلاثة سنقور تكين وكون طوغدي وأرطغرل فلما أصيبوا بأبيهم وتشوش بالهم رجعوا إلى إثرهم فلما وصلوا إلى موضع يقال له بَاسِينْ أُوَاسِي مضى سنقور وكون طوغدي ورجع أرطغرل مع أبنائه الثلاثة كُنْدز وصارو بالي وعثمان، ومكث في ذلك الموضع يجاهد الكفار ثم أرسل ابنه صارو بالي إلى علاء الدين السلجوقي يستأذنه في الدخول إلى بلاده ويطلب منه موضعًا ينزل فيه فأذن وعين له جبال طومالج وأرمنك وما بينهما فأقبل أرطغرل مع أربعمائة خركاه [أي: خيمة] من قومه فتوطنوا في قرة جه طاغ، ولما قصد علاء الدين غزو الكفار قبلوا إليه نجدةً له فازدادوا عند السلطان قربًا ونازل علاء الدين في سنة 685 قلعة كوتاهيه وهي كانت للكفار فلما قرب من أخذ القلعة بلغه أن التتار يطرق بعض بلاده فنهض إلى طرف العدو وفوض أمر القلعة إلى أرطغرل وتركه بها مع بعض العسكر. ولم يزل حتى فتحها عنوة وغنم شيئًا كثيرًا، ولم يزل بعد ذلك يجاهد حتى توفي في شهور سنة 687، فلما سمع علاء الدين وفاته تأسف وعين
مكانه ولده عثمان بك. وكان تمرس في الغزو في سبيل الله منذ ولد سنة 656. ولما رأى حده في الجهاد وعلم نجابته أكرمه وأيده وأرسل إليه الراية السلطانية والخلع السنية والطبل والسيف. فلما ضرب الطبل بين يديه نهض قائمًا إعظامًا للسلطان فمازال كذلك حتى فرغوا فمن ذلك اليوم من العسكر العثمانية القيام عند ضرب طبل السلطنة في الأسفار والأعياد. وكان عثمان بك يحب العلماء والصلحاء كثير التردد إلى الشيخ أده بالي القراماني وربما يبيت في زاويته فرأى ليلة في منامه أن قمرا خرج من حضن الشيخ فدخل في حضنه وعند ذلك نبتت من سرته شجرة عظيمة سدت أغصانها الآفاق وتحتها جبال راسيات ذات أنهار وعيون والناس ينتفعون من تلك المياه فلما استيقظ قصّ رؤياه على الشيخ فقال له الشيخ: لك البشرى بمنصب السلطنة وسيعلو أمرك وينتفع الناس بك وبأولادك وأني زوجتك بنتي هذه فقبلها عثمان المغازي وتزوجها فولد له منها أولاد من جملتهم السلطان أورخان. وفي هذه السنة أعني سنة 687 سار عثمان بك إلى إينه كول ليلا وكبس قلعة قولجه فاتفق صاحب إينه كول مع قرة جه شهر على قتاله فوقع التقابل في جبل طومالج فانهزم الكفار بعد قتال شديد استشهد أخوه كندز ألب أو ساوجي وقتل قلانوز أخو صاحب قرجه شهر ثم فتح حصن قرجه حصار. وفي سنة 688 استولى عثمان غازي على كوبري حصار بقرب يكي شهر، وفيها لما سمع علاء الدين مسعود هذا الفتح أعطى لعثمان غازي منشور السلطنة على أن تكون أسكي شهر وإين اوكي مقر ولايته. قال الجنابي: ثم إن السلطان علاء الدين عظم بلاؤه من التتار وقد شاخ وعجز عن الحركة، وقد استفحل يومئذ أمر المغازي عثمان فتسلطن في البلاد التي فتحها وخطب له فيها بالسلطنة ختن الشيخ أده بالي مولانا طورسون في قرة حصار يوم الجمعة والعيد في سنة 699 (خصط). وهو أول خطبة خطبت في الدولة العثمانية باسم الأمير عثمان وقيل بل أجاز له في ذلك السلطان علاء الدين والله أعلم. وفي أثناء ذلك زوج تكور [صاحب] قلعة يارحصار بنته المدعوة نيلوفر من تكور قلعة بيلجك فبعثها إليه بجماعة من عسكره فأمر عثمان بك بالمسلمين فدهموهم على غرة منهم واستخلصوا نيلوفر منهم فزوجها عثمان المغازي من ابنه أورخان ثم شرع في الغزو ففتح بعد ما تسلطن حصن الصفصاف المعروف بقلعة بلجك ثم فتح حصن يارحصار وقصبة إينه كول ويكيشهر وأظهر فيها شعار الإسلام. وفي سنة 701 عين إمارة سلطان أوكي لأورخان وأسكي شهر لكندز ألب وإين أوكي لأيغور ألب ويارحصار لحسن ألب وإينه كول لطورغود ألب، وقرر محصول بيلجك لمصارف الشيخ أده بالي وفقرائه وجعل يكيشهر دار الإمارة فبنى مساجد وحمامات ورباطات للغزاة ثم اشتغل بقتال الكفرة في طرف إزنيق حتى أعجزهم فاستمد تكوره من صاحب إستانبول واتفق تكور بورسه وكستل وكته والتقوا معه عند قيون حصاري فانتصر عسكر الإسلام وانهزم الكفار وقتل تكور كستل فسار عثمان غازي وأخذ قلعة كته. وفي أثناء ذلك توفي علاء الدين وكثر الهرج في بلاده فالتحق أكثر عسكره إلى عثمان. وفي سنة 707 فتح ناحية مرمره وفي سنة 708 فتح حصن لفكه وحصن أقحصار وقوج حصار وأسكن فيها المسلمين وفي سنة 712 افتتح حصن كيوه عنوة وحصن تكور بكاري وفي سنة 713 افتتح حصن أورنوس وبلادها وعيان كولي واويناش حصاري وفي سنة 722 نازل عثمان غازي مدينة بروسا وحاصرها مدة ثم لما امتد أمر الحصار أمر ببناء قلعتين في طرفي المدينة وأسكن فيها الجند وأمرهم بالتضييق على أهل البلد جعل في أحدهما ابن أخيه أق تيمور وفي الأخرى [واحدًا] من شجعان عبيدة يلانجق ثم عاد إلى يكي شهر وفي سنة 723 فتحت قلعة قوكرية على يد الأمير قوكر ألب وفتحت بلاد أقيازي وفي سنة 726 فتحت بلاد يلاق آباد وحصن قاندرى على يد الأمير قوجه جق فتعرف هذا البلاد اليوم بقوجه إلى وفيها فتحت حصن بولي وحصن صماندرة وما ينضم إليهما وافتتح الأمير قرة مرسل طرفًا من نواحي يلاق آباد فسميت باسم فاتحها ثم أرسل عثمان غازي ابنه أورخان صحبة عسكر كثير إلى فتح بروسا وكان المغازي إذ ذاك مريضًا من علة النقرس فتخلف لذلك عن الغزو وقعد في يكي شهر وفي مدة الحصار سنة 726 توفي المجاهد عثمان غازي. كذا في أكثر التواريخ الصحيحة وقيل بل عاش بعد فتح المدينة بعض أيام والله أعلم. وكانت وفاته بعد مضي ثلاثة أشهر من وفاة زوجته وماتت بعد أبيها أده بالي بشهر ودفن عثمان غازي تحت قبة منيعة موسومة بمناستر في داخل حصن بروسا وقيل بل دفن في سكوتجك. وكان ملكا عادلا شجيعا مجاهدا مرابطا يراعي الأبطال والأيتام والأرامل ويحسن إليهم ولم يترك من المال شيئا وإنما ترك من الخيل والأغنام فالغنم التي ترعى في نواحي بروسا باسم السلاطين الآن من تلك الأغنام وله من العمر تسع وستون سنة ومدته ست وعشرون سنة].

 

مصادر و المراجع :

١- سلم الوصول إلى طبقات الفحول

المؤلف: مصطفى بن عبد الله القسطنطيني العثماني المعروف بـ «كاتب جلبي» وبـ «حاجي خليفة» (المتوفى 1067 هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید