إعراب المضارع
"ب" جوازمه1: عوامل جزمه ثلاثة أنواع: نوع يقتصر على جزم مضارع واحد في النثر وفي النظم، بلا خوف، وهو أربعة أحرف: "اللام الطلبية، لا الطلبية، لم، لما"2. ونوع لا بد أن يجزم مضارعين معا، أو ما يحل محل كل منهما، أو محل أحدهما؛ وهو عشر أدوات، "منها: إن، إذ ما، من، ما، متى … و … " بعضها أسماء، وبعضها أحرف. وسيجيء بيانها وتفصيل الكلام عليها3. ولا يكاد يوجد خلاف في أن هذا النوع جازم ونوع ثالث يختلف النحاة في اعتباره جازما، وقليل منهم يعده جازما، ويقصر جزمه على الشعر دون النثر. وأدواته ثلاثة: إذا -كيفما- لو.. والجوازم بأنواعها الثلاثة لا تدخل إلى على الفعل ظاهرا، أو مقدرا1. وفيما يلي البيان: النوع الأول 2: الأربعة التي يجزم كل منها مضارعا واحدا معانيها، وأحكامها أولها: لام الطلب. وهي التي يطلب بها عمل شيء وفعله -تركه، ولا الكف عنه- فإن كان الطلب صادرا ممن هو أعلى درجة إلى من هو أقل منه سميت: "لام الأمر"، وإن كان من أدنى لأعلى سميت: "لام الدعاء". وإن كان من مساو سميت: "لام الالتماس". وبسبب دلالتها على المعاني الثلاثة كانت تسميتها "بلام الطلب" أنسب، كما عرفنا3. ومن أمثلتها: "لتكن حقوق الوالدين عندك مرعية، ولتكن صلة القرابة لديك مصونة". ومن أمثلتها: "لتكن حقوق الوالدين عندك مرعية، ولتن صلة القرابة لديك مصونة". ومثل قول الحكماء: "ليكن حبك وبغضك أمما4 ولتجعل للصلح والرجوع بقية في بقية في قللك، تصلح بما ما فات". وأشهر أحكامها: 1- أنها تجزم المضارع5 بشرط ألا يفصل بينهما فاصل. 2- أن الجزم بها مختلف في درجة القوة والكثرة. فيكثر دخولها على المضارع المبدوء بعلامة الغياب؛ وهي الياء للمذكر، والتاء للمؤنث، ويقل -مع صحته- دخولها على المضارع المبدوء بحرف الخطاب1؛ أو المبدوء بحرف التكلم، وهو: الهمزة أو النون، لأن المتكلم لا يأمر نفسه إلا مجازا، وهذا -مع قلته- قياسي فصيح، كسابقه. ومن الأمثلة قوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} . وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} ، وقوله عليه السلام: "قوموا فلأصل لكم" 2. ومثل: لأترك من أساء ولأصاحب من أحسن. 3- أنها قد تحذف ويبقى عملها. وحذفها إما كثير مطرد؛ وذلك إذا وقعت بعد فعل الأمر: "قل" وكان الكلام بعدها لا يصلح جوابا للأمر. بسبب فساد معنوي. أو غيره، كالآية الكريمة: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} 3 أي: ليقيموا.. وإما قليل، ولكنه جائز في الاختيار وفي الضرورة، وهو حذفها بعد مشتقات القول الأخرى التي ليست فعل الأمر: "قل"؛ نحو: قلت لبواب لديه دارها … تأذن؛ فإني حموها4 وجارها يريد: لتأذن5 لي بالدخول … 6. وإما قليل مقصور على حالة الضرورة الشعرية؛ وهذا حين لا يسبقها شيء من مادة القول؛ نحو محمد، تفد نفسك كل نفس … إذا ما خفت من أمر تبالا1 وقول الآخر2: فلا تستطل مني بقائي ومدتي … ولكن يكن للخير منك نصيب والأصل فيهما: لتفد، ليكن … ، فحذفت اللام للضرورة الشعرية. 4- أن تحريكها بالكسر هو الأكثر؛ إذا لم يسبقها "الواو، أو الفاء، أو ثم". وفتحها لغة إن فتح تاليها. فإن سبقها أحد الأحرف الثلاثة المذكورة جاز تسكينها وتحريكها على الوجه السالف، لكن التسكين أكثر. نحو قولهم: من ولي من أمور الناس شيئا فليراقب ربه فيما وليه، وليذكر أنه محاسب على ما يكون مه، ثم لينتظر عاقبة ما قدمت يداه..3. ثانيها: "لا" الطلبية وهي التي يطلب بها الكف عن شيء وعن فعله4. فإن كان الطلب موجها ممن هو أعلى درجة إلى من هو أدنى سميت "لا الناهية"4 وإن كان من أدنى لأعلى سميت: "لا الدعائية" وإن كان من مساو إلى نظيره سميت: "لا التي للالتماس"5 … ومن أمثلة الناهية قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} . وقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} -أي: ولا تتفرقوا. ومن أمثلة الدعائية قوله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} . وقول الشاعر لا يبعد الله جيرانا تركتهمو … مثل المصابيح تجلو ليلة الظلم ........................................ … .......................................1 ومن أمثلة الالتماس قول الزميل لزميله: لا تتهافت على اللئيم فتتهم في مروءتك. ولا على الجاهل فتتهم في فطنتك. ولا تأمن العدو فيسوقك للمهالك، ولا تثق بالحسود فيجرك للعطب