أما الشرطية
صيغتها -معناها- أحكامها النحوية: أ- صيغتها في الرأي الأرجح: "بسيطة"2 رباعية الأحرف الهجائية. ومن العرب من يقلب ميمها الأولى ياء3، فيقول في مثل: "أما الرياء فخلق اللئام، وصفة الضعفاء" … "أيما الرياء … " ومن هذا قول الشاعر يصف نفسه بالترف البالغ، والنعمة السابغة: رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت4 … فيضحى4. وأيما بالعشي فيخصر5 وقول الآخر: مبتلة6، هيفاء. أيما وشاحها … فيجري، وأيما الحجل7 منها فلا يجري8 ب- ومعناها: الدلالة على أمرين متلازمين معها؛ هما: الشرطية9، والتوكيد10؛ فلا يخلو استعمال لها من اجتماع هذه الشرطية والتوكيد. وقد تقتصر عليهما -كما في مثل: "أما علي فمسافر"، وكما في المثال الأول-11 أو لا تقتصر، أو لا تقتصر، وهو الغالب الكثير، فتدل معهما على التفصيل1؛ نحو: الناس طبقات … فأما الشريف فمن شرفت أعماله، وكملت خصاله، وإن كان فقيرا. وأما الدنيء فمن قبح صنعه، وساء طبعه، وإن كان غنيا. وأما العزيز فمن ترفع عن الدنايا، وأبي المهانة، وإن كان قليل الأهل والأتباع. وأما الذليل فمن رضي الهوان، وإن كان كثير الأهل والأعوان". فكلمة "أما" في هذا الكلام وأشباهه دالة على الشرطية؛ لقيامها مقام اسم الشرط: "مهما" وجملته الشرطية؛ -كما يأتي- "إذا المراد: مهما يكن من2 شيء فالشريف من شرفت أفعاله … وهكذا". وهي دالة على التفصيل فيه أيضا؛ بذكر الأقسام، والأفراد المتعددة المختلفة لشيء مجمل3. وهي دالة فيه على التوكيد أيضا. ولإيضاح التوكيد نذكر أن من يقول: "محمد عالم" يقصد إثبات العلم لمحمد، ونسبته إليه، بغير تأكيد ولا تقوية. فإذا أراد أن يمنح المعنى فضل تأكيد، ومزيدا من التقوية أني بكلمة: "أما"، قائلا: "أما محمد فعالم". وسبب التأكيد والتقوية في هذا أنه يريد: "مهما يكن من شيء فمحمد عالم" فقد علق وجود علمه على وجود شيء، أي شيء آخر، بمعنى أن وجود العلم مترتب ومتوقف على وجود شيء يقع في الكون. ولما كان من المحقق المؤكد وقوع شيء في الكون حتما، كان من المحقق المؤكد -ادعاء- كذلك وقوع ما يترتب عليه؛ وهو: "العلم"؛ لأن تحقق السبب وحصوله لا بد أن يتبعه تحقق المسبب عنه، وحصوله على سبيل التحتيم4 … وقد تدل على التفصيل تقديرا: أي: بغير ذكرها وذكر شيء معها، وإنما يدل عليهما السياق والقرائن؛ نحو: "الناس معادن؛ فأما أنفسها وأغلاها فالأخيار". التقدير: وأما أخسها وأرخصها فالأشرار