أحرف الإبدال. وضوابطه
ينحصر "الإبدال الصرفي اللازم"1 في تسعة أحرف؛ يبدل بعضها من بعض؛ هي: "الهاء، الدال، الهمزة، التاء، الميم، الواو، الطاء، الياء، الألف". وقد جمعها بعض النحاة في قوله: "هدأت موطيا"2. ولكل حرف منها شروط لإبدال من نظيره الداخل معه في هذه المجموعة، على التفصيل التالي: إبدال الهاء: تبدل الهاء من تاء التأنيث المربوطة عند الوقف عليها؛ كالتاء في قوله تعالى: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ} فيقال في حالة الوقف: بينة، ورحمة، بالهاء بدلا من التاء المربوطة. إبدال الهمزة من الواو، والياء، والألف. تبدل من الأوليين وجوبا في خمسة مواضع: 1- وقوع أحدهما في آخر الكلمة وقبله ألف زائدة؛ نحو: سماء، ودعاء، وبناء، وضياء، والأصل: سماو، ودعاو، وبناي، وظباي … "بدليل سموت، دعوت، بنيت، ظبي". قلبت الواو والياء همزة لوقوعهما متطرفتين3 بعد ألف زائدة. ولا يخرج الحرف من حكم التطرف أن يقع بعده في آخر اللفظ المذكر تاء عارضة لتفيد التأنيث، بشرط أن تكون غير ملازمة له3. فيقال في: بناي وبناية بتشديد نونهما: بناء، بالتشديد أيضا، وقلب الياء همزة لوقوعها متطرفة بعد ألف زائدة، من غير اعتبار لهذه التاء الطارئة التي عرضت للتأنيث والتي يمكن الاستغناء عنها أحيانا -كما في الحالة الخاصة بالمذكر- بخلاف التاء الدالة على التأنيث مع ملازمتها الكلمة، وعدم استغناء الكلمة عنها، نحو: هداية، رماية، إداوة، حلاوة. فإن الحرفين "الياء والواو" في هذه الكلمات -وأشباهها- لا ينقلبان همزة؛ إذ تاء التأنيث هنا ليست عارضة، ولا مؤقتة، وإنما هي حرف من أحرف الكلمة، دخل في صياغتها وتكوينها من أول أمرها "ليس طارئقا عليها بعد التركيب" ثم هو يلازمها في كل الحالات؛ فينيت الكلمة على مؤنث ولم تبن على مذكر1. ويعتبر الحرفان في هذه الحالة غير متطرفين؛ كشأنهما في مثل: "قاول وبايع … " حيث توسطا فبقيا من غير قلب. وكذلك لا يصح إبدالهما همزة إن لم يقعا بعد ألف، نحو: غزو، وظبي، أو كانت الألف التي قبلهما أصلية، نحو: واو، وآي، جمع آية2.. 2- وقوع أحدهما عينا لاسم فاعل، وقد أعل3 في عين فعله، نحو صائم، هائم، وفعلهما: صام وهام. وأصلهما: صوم، وهيم؛ فعين الفعل حرف عليه "واو أو ياء" تحرك وانفتح ما قبله، فانقلب ألفا -كما سيجيء- فاسم الفاعل هو: صاوم، وهايم. ثم قلبت الواو والياء همزة. فإن كانت العين غير معلة في الفعل لم يصح الإبدال؛ نحو: عين الرجل1 فهو: عاين، وعور2 فهو عاور3 … 3- وقوع أحدهما في جمع التكسير بعد ألف: "مفاعل" وما شابهه في عدد الحروف وحركاتها؛ كفعائل وفواعل4 … بشرط أن يكون كل من الحرفين مدة ثالثة زائدة في مفرده، ومثلها الألف في هذا، نحو: عجائز، وصحائف، وقلائد … ومفردها: عجوز: وصحيفة، وقلادة، فلا إبدال في مثل: قساور ومعايش، لأنهما أصليان في المفرد، وهو: قسور5، ومعيشة6. ومن الشاذ المسموع منائر، ومصائب؛ لأن مفردهما؛ منارة ومصيبة، فالحرفان فيهما أصليان7 … 4- وقوع أحدهما ثاني حرف علة بينهما ألف: "مفاعل" أو مشابهه، دون مفاعيل وما يشبهه سواء أكان الحرفان ياءين؛ نحو: نيائف، جمع نيف8 أم كانا واوين، نحو: أوائل: جمع أول، أم كانا مختلفين، نحو سيائد، جمع سيد1 والأصل: نيايف، وأواول، وسياود. قلب حرف العلة المتأخر "وهو الواقع بعد الألف الزائد" همزة كما سبق2 … فلو توسطت بينهما ألف "مفاعيل" وما هو على هيئته لم ينقلب الثاني منهما همزة؛ نحو: طواويس. 5- اجتماع واوين في أول الكلمة، والثانية منهما إما متحركة، وإما ساكنة، أصيلة في الواوية3؛ فتنقلب الأولى منهما همزة. ويتحقق الاجتماع في صورتين: إحداهما: أن تكون الواو الثانية متحركة فيجب قلب الأولى همزة، كما إذا أريد جمع: واثقة، أو: واصلة، أو: وافقة … جمع تكسير على صيغة. "فواعل" فيقال فيها، وواثق، وواصل، وواقف؛ لأن أفعالها الماضية واوية الفاء؛ ثم تنقلب الواو الأولى -وجوبا- همزة؛ فيصير الجمع: أواثق، أواصل، أواقف … ثانيهما: في نحو: أولى: -وهي مؤنث كلمة: أول، المقابل لكلمة: آخر- وأصلها: وولى، بواوين، السابقة منهما مضمومة، تليها الساكنة الأصيلة في الواوية، وقلبت الأولى همزة -وجوبا- فصارت: أولى. فلا يجب القلب بل يجوز في مثل: واسي، والي، وافي … إذا بنيت هذه الأفعال للمجهول؛ فيقال فيها: ووسي، وولي، ووفي، لأن الواو الثانية ليست أصيلة، إذ هي منقلبة عن الألف الزائدة التي في ثاني الماضي، وقد انقلبت واوا؛ لوقوعها بعد ضمة … ويصح أن يقال فيها: أوسي، أولي، أوفي … لأن قلب الواو الأولى وإبقاءها جائز -كما أسلفنا4 وكذلك لا يجب القلب، وإنما يجوز، في مثل: الـ"وولى" -بواو مضمومة تليها أخرى ساكنة- وأصلها للتفضيل، وفعلها هو: "وأل" بمعنى: لجأ، تقول: وأل الطائر إلى عشه، بمعنى: لجأ إليه. واسم التفضيل منه للمذكر هو: أوأل، وللمؤنث هو: وؤلى "على زنة: فعلى". ويصح التخفيف بقلب الهمزة الثانية واوا ساكنة، فتصير الكلمة: "وولى" فيجتمع في أولها واوان، أولاهما متحركة، والثانية ساكنة، غير أصيلة في الواوية: لأن واويتها طارئة بسبب التخفيف العارض؛ لهذا لا يكون قلب الأولى واجبا؛ وإنما هو: جائز؛ فيقال أولى، أو: "وولي". ولا يصح القلب مطلقا إذا اجتمع الواوان في آخر الكلمة كما في نحو: هووي ونووي في النسبة إلى، هوى ونوى، طبقا لقواعد النسب التي مرت في بابه1 …