المنشورات
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمى فيها الزمان فشلّت
هذا البيت من قصيدة فريدة النسج والمحتوى، للشاعر كثيّر عزّة، وقد مضى منها شاهدان، وهذا الثالث؛ وهي التي يقول في بعض أبياتها:
خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا … قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلّت
ومسّا ترابا كان قد مسّ جلدها … وبيتا وظلّا حيث باتت وظلّت
ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما … ذنوبا إذا صليتما حيث صلّت
وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا … ولا موجعات القلب حتى تولّت
...
كأنّي أنادي صخرة حين أعرضت … من الصّمّ لو تمشي بها العصم زلّت
أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها … وحلّت تلاعا لم تكن قبل حلّت
فليت قلوصي عند عزّة قيّدت … بقيد ضعيف فرّ منها فضلّت
وغودر في الحيّ المقيمين رحلها … وكان لها باغ سواي فبلّت
وكنت كذي رجلين ...
أريد الثواء عندها وأظنّها … إذا ما طلبنا عندها المكث ملّت
فما أنصفت أما النساء فبغّضت … إلينا وأما بالنوال فضنّت
يكلفها الغيران شتمي وما بها … هواني ولكن للمليك استذلت
هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلت
وإني وتهيامي بعزّة بعد ما … تخلّيت مما بيننا وتخلّت
لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت
كأني وإياها سحابة ممحل … رجاها فلما جاوزته استهلّت
أما معنى الشاهد ففيه قولان: قيل: أراد أنها عاهدته وواثقته أن لا تحول عنه فثبت هو على عهده ولم تثبت هي. وقيل: إنما تمنى أن تضيع قلوصه فيجد سبيلا إلى بقائه عندها، فيكون من بقائه عندها كذي رجل صحيحة ومن ذهاب قلوصه الحاملة له وانقطاعه عن سفره كذي رجل شلّاء.
وقوله: رمى فيها الزمان: المفعول محذوف، تقديره «الداء». وشلّت: مبني للمعلوم.
والفاء عطفت جملة على جملة «رمى».
والشاهد في البيت: قوله «رجل» في الموضعين، بالجرّ بدل من «رجلين» ويسمى بدل مفصّل من مجمل. ويجوز فيهما الرفع، بتقديرهما خبرين لمبتدأين محذوفين أو مبتدأين لخبرين محذوفين تقديرهما: «منهما رجل صحيحة، ومنهما رجل ...». [سيبويه/ 1/ 215، وشرح المفصل/ 3/ 68، وشرح أبيات المغني/ 7/ 38، والخزانة/ 5/ 211].
مصادر و المراجع :
١- شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية
«لأربعة آلاف شاهد شعري»
المؤلف:
محمد بن محمد حسن شُرَّاب
19 أغسطس 2023
تعليقات (0)