المنشورات

علام تقول: الرمح يثقل عاتقي … إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت

هذا البيت للشاعر الفارس، عمرو بن معد يكرب، وقبله:
ولما رأيت الخيل زورا كأنها … جداول زرع أرسلت فاسبطرّت
فجاشت إليّ النفس أول مرة … فردّت على مكروهها فاستقرت
علام ... والأبيات في الحماسة الطائية، يصف الشاعر نفسه في الحرب.
وقوله: زورا: جمع أزور، وهو المعوجّ الزّور، أي: الصدر. يقول: رأيت الفرسان منحرفين للطعن، وقد خلّوا أعنة دوابّهم وأرسلوها علينا كأنها أنهار زرع أرسلت مياهها، فاسبطرت أي: امتدت. والتشبيه وقع على جري الماء في
الأنهار، لا على الأنهار فكأنه شبه امتداد الخيل في انحرافها عند الطعن، بامتداد الماء في الأنهار، وهو يطرد ملتويا ومضطربا. وهذا تشبيه بديع. وقوله: فجاشت: أي: ارتفعت من فزع، وهذا ليس لكونه جبانا، بل هذا بيان حال النفس، ونفس الجبان والشجاع سواء فيما يدهمها عند الوثبة الأولى، ثم يختلفان، فالجبان يهرب، والشجاع يدفع نفسه فيثبت، وقوله: فجاشت:
الفاء زائدة. وجاشت: جواب «لمّا»، أو: الفاء عاطفة، والجواب في بيت سابق هذا البيت، حذفه أبو تمام من مختاره، وهو قوله:
هتفت فجاءت من زبيد عصابة … إذا طردت فاءت قريبا فكرّت
وقوله: علام: على حرف جرّ، و «ما» استفهامية، ولهذا حذفت ألفها، وهي متعلقة ب «تقول»، والعاتق: ما بين المنكب والعنق. وهو موضع الرداء. وأما جواب (إذا) الأولى فهو يثقل. والثانية: أطعن. وقيل: جواب الأول محذوف، وإذا الأولى وما ناب عن جوابها في موضع جواب الثانية كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركي الطعن به.
وفي البيت شاهدان: الأول: أن «على» فيه للتعليل. وهو مذهب ابن مالك والكوفيين.
والثاني: استعمال: قال، بمعنى ظنّ، ونصب «الرمح» ويجوز رفع (الرمح) على الابتداء.
[الهمع/ 1/ 157، والأشموني/ 2/ 36، 222، وشرح المغني/ 3/ 236].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید