المنشورات
أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدّرا … بكاء على عمرو وما كان أصبرا
البيت لامرئ القيس. وأمّ عمرو: يريد به عمرو بن قميئة اليشكري صاحبه في سفره إلى الروم يقول: إنّ عهدي بأم عمرو أن أراها صابرة متجلدة، فما بالها اليوم كثر بكاؤها على عمرو. أقول: وما أظن أمّ عمرو تبكي خوفا على موت ولدها في سفره ولكنها تبكي عليه لأنه وافق امرأ القيس في رحلته إلى قيصر الروم يستعين به على بني قومه. فكانت هذه القصة إن صحت، وصمة عار في تاريخ امريء القيس، تزاد على مقابح جاهليته، لأنه أورث قومه من بعده، ممّن لم يدخل الإسلام إلى قلوبهم: أورثهم الذلة والمهانة، والعقوق، وقطع الأرحام، عند ما كانوا يستعينون بالأجنبي على قتل أهلهم في سبيل متاع زائل، وتاريخ دويلات الأندلس - عهد الطوائف - مثل لهذا الميراث الممقوت، وسجّل الشاعر الأندلسي السّميسر، خلف بن فرج هذا التاريخ المظلم بقوله:
ناد الملوك وقل لهم … ماذا الذي أحدثتم
أسلمتم الإسلام في … أسر العدا وقعدتم
وجب القيام عليكم … إذ بالنصارى قمتم
لا تنكروا شقّ العصا … فعصا النبيّ شققتم
وأعاد التاريخ نفسه في العصر الحديث، عند ما قامت دويلات الطوائف الهزيلة تحتمي بقوة من وراء البحار.
وقوله: أرى: بصرية تنصب مفعولا واحدا، هو أمّ عمر، دمعها: مبتدأ. خبره جملة تحدّر، والجملة الاسمية في محل نصب حال. وبكاء: مفعول لأجله، أو حال مؤولة بالمشتق. و «ما» تعجبية مبتدأ. كان: زائدة، أصبرا: فعل ماض والجملة خبر المبتدأ.
والشاهد: وما كان أصبرا: حيث حذف المتعجب منه، وهو الضمير المنصوب الذي يقع مفعولا به لفعل التعجب (أصبر) والتقدير: ما أصبرها. [العيني/ 3/ 668].
مصادر و المراجع :
١- شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية
«لأربعة آلاف شاهد شعري»
المؤلف:
محمد بن محمد حسن شُرَّاب
26 أغسطس 2023
تعليقات (0)