المنشورات

فطافت ثلاثا بين يوم وليلة … وكان النكير: أن تضيف وتجأرا

البيت للنابغة الجعدي الصحابي، رضي الله عنه، يصف الشاعر بقرة وحشية أكل السبع ولدها، فطافت ثلاثة أيام وثلاث ليال تطلبه، ولا إنكار عندها إلا الإضافة، وهي الجزع والإشفاق والجؤار، وهو الصياح. والنكير: الإنكار، أي: ما عندها حين فقدته إلا الشفقة والصياح، وهذا البيت من القصيدة الطويلة التي أنشدها للنبي صلّى الله عليه وسلّم ومنها:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى … ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا
ومن أواخرها:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا … وإنا لنرجو بعد ذلك مظهرا
ولا خير في حلم إذا لم يكن له … بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له … حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
والقصيدة من أحسن ما قيل في الفخر والشجاعة، وفي البيت الشاهد من المعاني المستفادة ما لا حصر لها، توافق حال أمتنا، لأنهم عند ما يفقدون مواطن العزّ، لا يزيدون على ما فعلته هذه البقرة.
والبيت الشاهد: ذكره ابن هشام في باب «التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين، والصواب خلافها»، في المسألة السادسة عشرة، حيث قالوا: يغلب المؤنث على المذكر في مسألتين، إحداهما: التأريخ، فإنهم أرّخوا بالليالي دون الأيام، قال ابن هشام: وهذا ليس من باب التغليب، لأن التغليب أن يجمع شيئان: فيجري حكم أحدهما على الآخر، ولا يجمع الليل والنهار، وإنما أرّخت العرب بالليالي لسبقها، إذ كانت أشهرهم قمريّة، والقمر يطلع ليلا، وإنما المسألة الصحيحة قولك: «كتبته لثلاث بين يوم وليلة» وضابطها أن يكون معنا عدد مميز بمذكر ومؤنث، وكلاهما مما لا يعقل، وفصلا من العدد بكلمة «بين» وذكر البيت، فقال الشاعر «ثلاثا» لأنه يعد الليالي ويؤرخ بها، ويغلب المؤنث على المذكر في هذه المسألة، ولكن ليس في التأريخ فقط، فقد يقال: اشتريت عشرا بين جمل وناقة. [شرح أبيات المغني/ 8/ 23].




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید