المنشورات
لقد بدّلت أهلا بعد أهل … فلا عجب بذاك ولا سخار فإنّك لا يضيرك بعد عام … أظبي كان أمّك أم حمار
البيتان للشاعر ثروان بن فزارة بن عبد يغوث العامري. وهو صحابي وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم ومدحه، وقد اختلفوا في معنى البيت الثاني، فقال الأعلم في شرح شواهد سيبويه:
وصف في البيت تغيّر الزمان واطراح مراعاة الأنساب، لقوله في بيت لاحق:
فقد لحق الأسافل بالأعالي … وماج اللؤم واختلط النّجار
فيقول: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك، من انتسبت إليه من شريف أو وضيع، وضرب المثل
بالظبي والحمار، وجعلهما أمّين، وهما ذكران، لأنه مثل لا حقيقة، أو لأن الأمّ معناه الأصل. وذكر الحول لذكر الظبي والحمار لأنّهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول، فضرب المثل بذكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه.
أقول: وإذا صح أن الشاعر يريد هذا المعنى، فإن الأبيات تكون مكذوبة على صاحبها لأن ما وصفه من تقلب الزمان على الهيئة التي قالها إنما هو من الأحوال المتأخرة التي كانت في الحواضر. وفي البيتين رائحة الشعوبية.
والشاهد في البيت الثاني: وقد ذكره ابن هشام ليردّ أوهام النحويين فيه، فقد قالوا:
ظبيّ: اسم «كان» بعده، والصواب عنده: أنه اسم لكان محذوفة مفسّرة بكان المذكورة، أو مبتدأ، والأول أولى لأنّ همزة الاستفهام بالجمل الفعلية أولى منها بالاسمية، وعليهما فاسم كان - الثانية - ضمير راجع إليه، وأمّك: بالنصب: خبر كان، وقول سيبويه «أنه أخبر عن النكرة بالمعرفة واضح على الأول» لأن ظبيا المذكور اسم كان. وخبره أمّك.
وأما على الثاني: فخبر (ظبي) إنما هو الجملة، والجمل نكرات. ولكن يكون محلّ الاستشهاد قوله: (كان أمّك) على أنّ ضمير النكرة عنده نكرة، لا على أنّ الاسم مقدم.
[شرح أبيات المغني/ 7/ 241].
مصادر و المراجع :
١- شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية
«لأربعة آلاف شاهد شعري»
المؤلف:
محمد بن محمد حسن شُرَّاب
27 أغسطس 2023
تعليقات (0)