المنشورات

معاود جرأة وقت الهوادي … أشمّ كأنّه رجل عبوس

البيت منسوب لأبي زبيد الطائي، وفي شواهد العيني جعل عجزه صدره فتكون قافيته داليه، وكذلك في الهمع. والهوادي: جمع هاد، وهو عنق الخيل، يقال: أقبلت هوادي الخيل، إذا بدت أعناقها. يصف رجلا بأنه يظهر الكبر ويعاود الحرب وقت ظهور الهوادي. لأجل جرأته في الحرب، وقد نقلت هذا الشرح من حاشية الصبان على الأشموني ومن العيني، وأنا لست راضيا عن هذا الشرح، فالهوادي: لا معنى لكونها الأعناق، وإنما هي أوائل الخيل، لتقدمها تقدم الأعناق، قال امرؤ القيس:
فألحقنا بالهاديات ودونها … جواحرها في صرّة لم تزلّل
وقولهم: إنه يصف رجلا ليس صحيحا، فلا معنى لوصف الرجل الشجاع، بأنه كالرجل العبوس، والصحيح أن البيت في وصف الأسد؛ لأن البيت من قصيدة سينية، يصف فيها أبو زبيد الأسد، ومنها قبل البيت الشاهد:
إلى أن عرّسوا فأغبّ عنهم … قريبا ما يحسّ له حسيس
خلا أنّ العتاق من المطايا … حسين به فهنّ إليه شوس
والبيت استشهد به السيوطي على جواز الفصل بين المتضايفين بالمفعول له، واستشهد به أبو حيان على هذه المسألة، وقال: أي: معاود وقت الهوادي جرأة، ففصل بالمصدر الذي هو مفعول من أجله.
قال الشنقيطي: وروياه «وقت»، والرواية المشهورة «وفق» بالفاء الساكنة والواو المفتوحة، ويقال: جاء القوم وفقا، أي: متوافقين، ويقال: أتيته وفق طلعت الشمس، أي: ساعة طلعت.
قلت: ولعلّ الرواية الصحيحة هي:
«يعاود جرأة وفق الهوادي»، يعاود: فعل مضارع، وجرأة: مفعول لأجله، يريد أن يقول: إنه يعاود الهجوم، متوافقا هجومه مع بروز الهوادي من الخيل، وبهذا التقدير، لا يكون فصل، ولا يكون في البيت مضاف ومضاف إليه. [الهمع/ 2/ 53، والأشموني/ 2/ 280، وعليه حاشية الصبان والعيني].




مصادر و المراجع :      

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید