المنشورات

‌‌ركنا الجملة

وكل جملة من جمل الخبر لها ركنان: محكوم عليه، وهو المسند إليه، ومحكوم به، وهو المسند، وما زاد على ذلك
في الجملة غير المضاف إليه وصلة الموصول فهو قيد.
فإذا قلنا: «سافر الصديق» و «الناجح مسرور» فإن الذي حكم عليه بالسفر أو أسند إليه السفر في الجملة الأولى هو «الصديق»، والذي حكم به للصديق أو أسند له هو «السفر». وعلى هذا يكون «الصديق» هو المحكوم عليه أو المسند إليه، ويكون «سافر» هو المحكوم به أو المسند.
وركنا الجملة الثانية هما «الناجح» و «مسرور». والذي حكم عليه بالسرور أو أسند إليه السرور هنا هو «الناجح»، والذي حكم به للناجح أو أسند له هو «السرور». وعلى هذا يكون «الناجح» هو المحكوم عليه أو المسند إليه، ويكون «مسرور» هو المحكوم به أو المسند. والمسند إليه عادة هو الفاعل، أو نائب الفاعل، أو المبتدأ الذي له خبر، أو ما أصله المبتدأ كاسم كان وأخواتها. والمسند هو الفعل التام، أو المبتدأ المكتفي بمرفوعه، أو خبر المبتدأ، أو ما أصله خبر المبتدأ كخبر كان وأخواتها، أو المصدر النائب عن فعل الأمر.
ولعلنا لاحظنا من الجملتين السابقتين أن الخبر إما أن يكون جملة اسمية أو فعلية. والجملة الاسمية تفيد بأصل وضعها ثبوت شيء لشيء ليس غير؛ فجملة «الناجح مسرور» لا يفهم منها سوى ثبوت شيء لشيء للناجح من غير نظر إلى حدوث أو استمرار.
ولكن الجملة الاسمية قد يكتنفها من القرائن والدلالات ما يخرجها عن أصل وضعها فتفيد الدوام والاستمرار، كأن يكون الكلام في معرض المدح أو الذم، ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ. فالجملة الأولى سيقت في معرض المدح، والثانية سيقت في معرض الذم، والمدح والذم كلاهما قرينة، ولهذا فكلتا الجملتين قد خرجت عن أصل وضعها وهو الثبوت، وأفادت الدوام والاستمرار؛ أي إن الأبرار في نعيم دائم مستمر، والفجار كذلك في جحيم دائم مستمر.
والجملة الاسمية لا تفيد الثبوت بأصل وضعها ولا الدوام والاستمرار بالقرائن إلا إذا كان خبرها مفردا أو جملة إسمية، أما إذا كان خبرها جملة فعلية فإنها تفيد التجدد. فإذا قلت: «الدولة تكرّم العاملين من أبنائها»، كان معنى هذا أن تكريم الدولة للعاملين من أبنائها أمر متجدد غير منقطع.
أما الجملة الفعلية فموضوعة أصلا لإفادة الحدوث في زمن معين، فإذا قلت: «عاد الغريب إلى وطنه» أو «يعود الغريب إلى وطنه» أو «سيعود الغريب إلى وطنه» لم يستفد السامع من الجملة الأولى إلا حدوث عودة الغريب إلى وطنه في الزمن الماضي، ولم يستفد من الجملة الثانية إلا احتمال حدوث عودة الغريب إلى وطنه في الزمن
الحاضر أو المستقبل، كما لم يستفد من الجملة الثالثة إلا حدوث عودة الغريب إلى وطنه في الزمن المستقبل.
وقد تفيد الجملة الفعلية الاستمرار التجددي بالقرائن، كما في قول المتنبي مادحا سيف الدولة:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها … وتصغر في عين العظيم العظائم
فالمدح هنا قرينة دالة على أن إتيان العزائم على قدر أهل العزم، وإتيان المكارم على قدر الكرام، وعظم صغار المكارم في عين الصغير، وصغر العظائم في عين العظيم، إنما هو أمر مستمر متجدد على الدوام

 

صادر و المراجع:
1-سحر البلاغة وسر البراعة
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (ت ٤٢٩هـ)
2-أسرار البلاغة
المؤلف: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الفارسي الأصل، الجرجاني الدار (ت ٤٧١هـ)
3-الإيضاح في علوم البلاغة
المؤلف: محمد بن عبد الرحمن بن عمر، أبو المعالي، جلال الدين القزويني الشافعي، المعروف بخطيب دمشق (ت ٧٣٩هـ)
4-الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز
المؤلف: يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم، الحسيني العلويّ الطالبي الملقب بالمؤيد باللَّه (ت ٧٤٥هـ)
5- عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح
المؤلف: أحمد بن علي بن عبد الكافي، أبو حامد، بهاء الدين السبكي (ت ٧٧٣ هـ)
6-تلوين الخطاب لابن كمال باشا دراسة وتحقيق
المؤلف: أحمد بن سليمان بن كمال باشا، شمس الدين (ت ٩٤٠هـ)
7-الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم
المؤلف: إبراهيم بن محمد بن عربشاه عصام الدين الحنفي (ت: ٩٤٣ هـ)
8- معاهد التنصيص على شواهد التلخيص
المؤلف: عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن أحمد، أبو الفتح العباسي (ت ٩٦٣هـ)
9-حاشية الدسوقي على مختصر المعاني لسعد الدين التفتازاني (ت ٧٩٢ هـ) [ومختصر السعد هو شرح تلخيص مفتاح العلوم لجلال الدين القزويني]
المؤلف: محمد بن عرفة الدسوقي
10- جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع
المؤلف: أحمد بن إبراهيم بن مصطفى الهاشمي (ت ١٣٦٢هـ)
11-علوم البلاغة «البيان، المعاني، البديع»
المؤلف: أحمد بن مصطفى المراغي (ت ١٣٧١هـ)
12- بغية الإيضاح لتلخيص المفتاح في علوم البلاغة
المؤلف: عبد المتعال الصعيدي (ت ١٣٩١هـ)
13-علم البديع
المؤلف: عبد العزيز عتيق (ت ١٣٩٦ هـ)
14-علم البيان
المؤلف: عبد العزيز عتيق (ت ١٣٩٦ هـ)
15- علم المعاني
المؤلف: عبد العزيز عتيق (ت ١٣٩٦ هـ)
16-البلاغة العربية
المؤلف: عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة الميداني الدمشقي (ت ١٤٢٥هـ)
17-البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع
المؤلف: حسن بن إسماعيل بن حسن بن عبد الرازق الجناجيُ رئيس قسم البلاغة بجامعة الأزهر (ت ١٤٢٩ هـ)
18- النظم البلاغي بين النظرية والتطبيق
المؤلف: حسن بن إسماعيل بن حسن بن عبد الرازق الجناجيُ رئيس قسم البلاغة بجامعة الأزهر (ت ١٤٢٩ هـ)
19-من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
المؤلف: حسن بن إسماعيل بن حسن بن عبد الرازق الجناجيُ رئيس قسم البلاغة بجامعة الأزهر (ت ١٤٢٩ هـ)
20- أساليب بلاغية، الفصاحة - البلاغة - المعاني
المؤلف: أحمد مطلوب أحمد الناصري الصيادي الرفاعي
21-الأسلوب
المؤلف: أحمد الشايب
22- المنهاج الواضح للبلاغة
المؤلف: حامد عونى
23-خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني
المؤلف: محمد محمد أبو موسى
24- البديع عند الحريري
المؤلف: محمد بيلو أحمد أبو بكر
25- شرح مائة المعاني والبيان
المؤلف: أبو عبد الله، أحمد بن عمر بن مساعد الحازمي
26-البلاغة ٢ - المعاني
كود المادة: LARB٤١٠٣
المرحلة: بكالوريوس
المؤلف: مناهج جامعة المدينة العالمية
الناشر: جامعة المدينة العالمية
27-علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»
المؤلف: الدكتور محمد أحمد قاسم، الدكتور محيي الدين ديب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید