المنشورات
أو مسحل شنج عضادة سمحج … بسراته ندب لها وكلوم
وقبل البيت:
حرف أضرّ بها السّفار كأنّها … بعد الكلال مسدّم محجوم
والبيتان للشاعر لبيد بن ربيعة، يصف ناقته، والحرف: الضامر، وأضرّ بها السّفار:
أضناها وهزلها. والكلال: التعب. والمسدّم: الفحل من الإبل الذي حبس عن الضراب.
والمحجوم: المشدود الفم.
وقوله في الشاهد: أو مسحل: معطوف على مسدّم في البيت الذي سبقه والمسحل:
حمار الوحش. والشّنج: المتقبض في الأصل. ويراد به في البيت: الملازم. وعضادة:
جنب. والسّمحج: الأتان الطويلة. وسراتها: أعلاها والنّدب: الأثر. والكلوم:
الجراحات. يريد أن هذه الأتان بها آثار من عضّ الحمار كأنها جراحات. يقول: إن ناقتة كأنها مسحل ملازم جنب أتان لا يفارقها، وكأنّ هذه الناقة بعد ما كلّت بعير مسدّم أو مسحل موصوف بما ذكر.
والشاهد في البيت أن «شنج» اسم مبالغة عمل عمل فعله، فنصب «عضادة» وقد أنشد أنصار سيبويه البيت دفاعا عنه في مسألة عمل «فعل» من أوزان المبالغة وقد روى سيبويه في الموضوع: البيت:
حذر أمورا ... … ... من الأقدار
في حرف الراء. وقالوا: إن البيت مصنوع، وزعم المخالفون لسيبويه أن أبان اللاحقي الفاسق - في زمن هارون الرشيد، روى لهم أن سيبويه سأله عن شاهد في تعدّى «فعل» فعمل له هذا البيت. فعضد أنصار سيبويه موقفه بأن الشواهد على عمل «فعل» موجودة في غير ما ذكر. ومنها البيت الشاهد. ومنها في حرف الدال.
(أتاني أنهم مزقن عرضي ... لها فديد)
وهو لزيد الخيل الطائي الصحابي. قال أبو أحمد: وهذه الضجّة التي افتعلها خصوم سيبويه زوبعة في فنجان، بل هي أقل من ذلك، لأسباب:
الأول: لو فرضنا أنّ أبان بن عبد الحميد اللاحقي صنع البيت لسيبويه فإن هذا لا يمنع صحة التركيب، لأن المعنى يستقيم به، وكون أبان جاء في العصر الذي لا يستشهد بشعره، لا يمنع صحة كلامه، فهو شاعر مطبوع، والشاعر المطبوع يكون قد حفظ ونسي ولكنه تأثر بما حفظ. فما يصدر عنه من شعر تغلب عليه الصحة. وكون أبان فاسقا مطعونا عليه في دينه، لا يمنع الاستشهاد بشعره.
والثاني: الرواية التي تقول إنه من صناعة أبان، هي من رواية أبان نفسه، والرجل مطعون عليه، منغمس في الفجور حتى أذنيه، فكيف نقبل روايته في الطعن على سيبويه؟
الثالث: لا يحقّ لنحويّ أن يدّعي أنه سمع كل ما قالت العرب من الشعر، ومن سمع حجة على من لم يسمع.
فلا تلتفتنّ إلى كلّ ما تقرأ من المجادلات النحويّة، التي يفتعلها الخصوم، لأن التحاسد كان مستفحلا بين العلماء في ذلك العصر. والله أعلم. [الخزانة ج 8/ 169، وشرح المفصل ج 6/ 72، وسيبويه 1/ 57، والأشموني ج 2/ 298].
مصادر و المراجع :
١- شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية
«لأربعة آلاف شاهد شعري»
المؤلف:
محمد بن محمد حسن شُرَّاب
2 سبتمبر 2023
تعليقات (0)