المنشورات

ألا هبّي بصحنك فاصبحينا … ولا تبقي خمور الأندرينا

هذا مطلع معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي. ألا: للتنبيه، يفتتح بها الكلام. ويعربونها اليوم حرف استفتاح فقط، وهذا، عدول بالإعراب عن معناه، فالإعراب معناه الإفصاح والبيان، وإذا ذكرت عمل الحرف دون معناه، فما أعربت، فيحسن إضافة الحروف العاملة إلى معناها، واتباعه بالعمل. فيقال مثلا: «لم» حرف نفي وجزم و «لا» الناهية حرف نهي وجزم، وإنّ: حرف توكيد ونصب، وهكذا. وهبي: قومي من نومك ...
هكذا قال شارح المعلقات، وما أظنه يطلب أن تهب من نومها، وإنما يريد أن تنهض من قعودها وأن تبادره
بالشراب، لأنه قال: بصحنك، وكيف تهب بصحنها من نومها وليس معها الصحن، وإنما يكون هذا خطابا للجارية أو ساقية الخمر، والصحن: القدح الكبير
وقوله: فاصبحينا، أمر ماضيه صبح وصبحه، يصبحه صبحا، وصبحه سقاه صبوحا، فهو مصطبح. والصبوح في الأصل، كلّ ما أكل وشرب غدوة، ويقابله الغبوق في المساء.
وكذلك «الغداء» فإنه الطعام الذي يؤكل في الغداة. واستخدامه فيما نأكله من الطعام بعد الظهر، مولّد، كما أنه ليس من كلام العرب «الفطور، أو الإفطار لطعام الصباح، فالفطور خاص بشهر رمضان، أو لكل صائم يأكل عند مغيب الشمس. والأندرين: قالوا إنها بليدة في قضاء حلب، كانوا يجلبون منها الخمر في الجاهلية، ولا يعرفها الآن أحد، لأن ياقوت الحموي ذكرها وقال إنها خراب في أيامه.
هذا، وقد كانت معلقة عمرو بن كلثوم النشيد القومي لقبيلة تغلب، زمنا طويلا، وفي هذا يقول ابن شرف القيرواني في رسائل الانتقاد (رسائل البلغاء ص 316): وجعلتها تغلب قبلتها التي تصلي إليها، وملتها التي تعتمد عليها، فلم يتركوا إعادتها، ولا خلعوا عبادتها إلا بعد قول القائل:
ألهى بني تغلب عن كلّ مكرمة … قصيدة قالها عمرو بن كلثوم




مصادر و المراجع :

١-  شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية «لأربعة آلاف شاهد شعري»

المؤلف: محمد بن محمد حسن شُرَّاب

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید