المنشورات
الكُورَاني أبو الوقت
النحوي، اللغوي، المفسر: إبراهيم بن حسن الكوراني الشهرزوري الشهراني الكردي الشافعي، برهان الدين، أبو العرفان، وأبو إسحاق، وأبو محمد، وأبو الوقت.
ولد: سنة (1025 هـ) خمس وعشرين وألف.
من مشايخه: الصفي أحمد بن محمد القشاش والعارف أبو المواهب أحمد بن علي الشناوي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* البدر الطالع: "درس العربية والمنطق والهيئة والهندسة وقرأ في المعاني والبيان والأصول والفقه والتفسير وسمع الحديث عن جماعة في الشام ومصر والحجاز، برع في جميع الفنون وأقرأ العربية" أ. هـ.
* سلك الدرر: "صاحب المؤلفات العديدة الصوفي النقشبندي المحقق الأثري المسند .. " أ. هـ.
* جلاء العينين: "أظهر نوعًا من المعارف لا يدرك أهل زمانه جنسه، فصار حلة واحدة وطريقة نزهة من كل خسة .. فقيه صوفي، وصوفي الفقهاء، وعالم الصلحاء، وصالح العلماء .. ".
ثم قال: "كان سلفي العقيدة، ذابًا عن شيخ
الإسلام ابن تيمية، وكذا يذب عما وقع في كلمات الصوفية مما ظاهره الحلول أو الاتحاد أو العينية" أ. هـ.
* الأعلام: "مجتهد، من فقهاء الشافعية، عالم بالحديث .. " أ. هـ.
* المجددون في الإسلام: "وما ذكره صاحب كتاب جلاء العينين في محاكمة الأحمدين يخالف آخره أوله، لأن أخذ الكوراني بعقيدة السلف وذبه عن ابن تيمية يجعله من مدرسته، ولكن ذبه عما وقع في كلمات الصوفية، مما ظاهره الحلول أو الاتحاد أو العينية يجعله من مدرسة الغزالي التي كانت تنكر عليها مدرسة ابن تيمية، لأنها لم تكن ترى تأويل ما ظاهره الحلول أو الاتحاد من كلام الصوفية، بل كانت تؤاخذهم بهذا الظاهر، وتحكم بكفرهم من أجله، بل كانت تنكر ما هو أخف من هذا من بدع الصوفية، من مقامتهم وأذواقهم وسماعهم ورقصهم وغير ذلك من أحوالهم، وما كانت ترى إلا الزهد الذي كان عليه قدماء المتصوفة قبل أن يقعوا في هذه البدع، وكانت تغالى فيه مثلهم، كما سبق في الكلام على ابن قيم الجوزية.
والظاهر أن الكوراني كان بعيدًا أيضًا عن مدرسة ابن تيمية فيما يتعلق بالفروع، لأنه سبق أنه كان على مذهب الشافعي، ولم ينقل عنه أنه خرج عن شيء في هذا المذهب، وهذا بخلاف ابن تيمية ومدرسته، لأنهم كانوا لا يتقيدون في كثير من المسائل بالمذاهب الأربعة التي جمد عليها غيرهم، ولعل هذا الجمود من الكوراني هو الذي سهل له ما وقع فيه من الجمود في أمر الصوفية، لأن الجمود يجر بعضه بعضًا.
والكوراني مع هذا لا يمتاز عن غيره من علماء هذا القرن، إذ كانوا في غفلة عن حال العالم في عصرهم، وعما أصاب المسلمين من التأخر في العلوم التي نهض بها أسلافهم، وعما وصلت إليه أوروبا من التقدم فيها، حتى أمكنها بها أن تصل إليهم من طريق رأس الرجاء الصالح، ومعها من القوة التي وصلت إليها بالعلم ما أمكنها بقليل من السفن أن تستولي على الممالك الإسلامية بسواحل أفريقية، وأن تصل إلى الهند فتستولي على بعض بلاده، وتوشك أن تستولي عليها كلها، وتستأثر بخيراتها دون غيرها.
فأي تجديد يمكن أن ينسب إلى أمثال الكوراني في غفلته عن هذا كله؟ وابن تيمية لخروجه عن جمود علماء عصره على عقيدة الأشعري إلى عقيدة السلف؟ كأنه لا يزال في القرن الذي عاش فيه ابن تيمية، ولم يأت بعده بنحو أربعة قرون، فلا يصح أن يقف علمنا عند الفصل في هذا الخلاف بين ابن تيمية والأشعري، بينما يسير العلم عند غيرنا بخطى واسعة إلى الإمام، وتزداد مسافة الفرق في العلم بيننا وبينه، إلى أن نصحو فنجده قد سبقنا فيه بمراحل، وهناك نحاول النهوض فنتعثر فيه، ويقف الجامدون حجر عثرة في طريقه، ولا شك أن الكوراني وغيره من السلفية يستوون هم والأشعرية حين غفلوا جميعًا عن ذلك كله في هذا القرن، ولم يدركوا الرسالة التي يجب أن يقوم بها فيه المجدد المسلم" أ. هـ.
قلت: لقد كان الصعيدي ممن تأثر بالأحوال السياسية والقومية في وقته، وجعل مدارس السلف والمدارس الدينية الأخرى جمودًا إذا ما قورنت بالتطور الحضاري في عالم الغرب، وهذا الفكر هو السائد عند المتأخرين من المؤرخين وأصحاب الأدب وغيرهم وبعض من أصحاب الدين بل أغلبهم في القرن الثالث عشر الهجري، وهو -أي الصعيدي- في ذلك حامل للأفكار الجديدة في فصل الدين عن الدنيا بمختلف نواحيها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولنا عليه كلام على منهجه في كتابه "المجددون في الإسلام" لاحقًا.
* المختار المصون: (نقل عن كتاب نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني) للشيخ محمد بن الطيب القادري بعد كلام القادري قال: "وقد أغفل رحمه الله تعالى بيان مسائل شنيعة معروفة عن صاحب الترجمة ذكرها عنه أئمة عصره:
(1) فمنها القول بأن القدرة محدثة تؤثر في أفعال العباد، وأن قيدها بأقدار الله تعالى قدرها وألف في ذلك ثلاث رسائل لنصرة قوله ورد على إمام الحرمين في ذلك وقد انتصر الأئمة للرد عليه في ذلك منهم الإمام سيدي المهدي بن أحمد الفاسي وقد ألف رسالة في الرد عليه بما لا فريد عليه.
(2) ومنها أنه ألف في تصحيح مسألة الغرانيق التي يذكرها بعض المفسرين في تفسير سورة النجم.
قال في "النبذة": وسمعت أنه ألف تأليفًا في شبيه المعدوم ينتصر به للمعتزلة ثم سمعت أن له تاليفًا في إيمان فرعون لعنه الله، وكذا سمعت أن له تأليف متعددة في إحياء أمور أمثال هذه وندرتها في هذا الزمان الذي رق فيه الدين وعم الجهل والتقليد، وقلة اليقين واتباع كل ناعق، انتهى.
وأما مسألة الغرانيق فألف فيها صاحب الترجمة رسالة فسماها "اللمعة السنية في تحقيق الإلقاء في الأمنية"، وقد رأيتها ومضمونها الكلام على ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما قرأ سورة النجم قال: "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلا" .. القصة المشهورة عند المفسرين، وصحح صاحب الترجمة حديثها، وهو حديث باطل وقصة موضوعة .. ".
ثم قال: وقول شيخ شيوخنا أبي عبد الله المسناوي: وكان رأي شيوخنا فيه -أي في صاحب الترجمة- مختلفًا في كيفية الرد عليه فمنهم من سلك مسلك الملاحظة والشفعة ومنهم من سلك مسلك الغلظة والرد والزجر ليتعرف بقدره، وما أدب له من كلامهم".
وقال: "أما رد كلامه فقد اتفقوا عليه بأنه بلغ من الشناعة والبشاعة والخروج عن السنة غاية ذلك، وأما ثناء صاحب "الرحلة" عليه يعني أبا سالم العياشي، وثناه غيره عليه من الأئمة ممن ألف الفهارس وغيرهم فالمقام اقتضى ذلك، إذ ليس ذلك المقام مقام الرد والبحث عن القدح والتجريح والتعديل وبيان من تكلم أو اتهم أو رمى بشيء من البدع وتحقيق المسائل وإنما هو عدا الأشياخ وذكرًا أسانيدهم ومروياتهم وأشياخهم ومؤلفاتهم، وقد طلب القاضي عياض مع جلالته من الزمخشري الإجازة مع استشهار اعتزاله وبدعته وتعقبه .. ".
وقال أيضًا: "ومن الشيخ من كان لا يبني ما رمي به بعضهم بل نفر عن مطالعة كتابه وكلامه ويحذر من النظر فيه وكذلك فهل بعضهم بمن رمى من الصوفية، أو كان يقول إن فهمه قبيح وكلامه في علم الباطن وطريق القوم وبعض مسائل الاعتقاد والله أعلم بحقيقة حال ذلك".
ثم قال: "ووقفت على أبواب الشيخ ولي الدين العراقي في المسألة مدار كلامه على أنه يتكلم في الكلام بما يعطيه ظاهره ولا يتعرض للقائل لاحتمال أن يكون مراده غير ظاهره أو تاب من ذلك قبل موته انتهى (كذا نقله صاحب المختار من نشر المثاني) " أ. هـ.
وفاته: في جمادى الأولى سنة (1101 هـ). إحدى ومائة وألف.
من مصنفاته: "تفسير القرآن" الذي سماه صاحب هدية العارفين "الإلمام بتجريد قولي سعدي وعصام"، و "إنباه الأنباه في إعراب لا إله إلا الله" و"إتحاف الخلف بتحقيق مذاهب السلف"، وله "تنبيه العقول على تنزيه الصوفية من اعتقاد التجسيم والعينية والاتحاد والحلول" و "مسلك الاعتدال إلى آية خلق الأعمال" و "مجلس المعاني على عقيدة الدواني" وغير ذلك كثير.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
7 سبتمبر 2023
تعليقات (0)