المنشورات
أبو القاسم الخوئي
المفسر: أبو القاسم بن السيد عليّ الخوئي (1)، وينسب إلى موسى بن جعفر الصادق.
ولد: سنة (1316 هـ) ست عشرة وثلاث مائة وألف.
كلام العلماء فيه:
• أعلام العراق الحديث: "فقيه أصولي مجتهد مدقق من كبار مراجع التقليد وأساتذة الفقه والأصول. ويعتبر الحجة الأول والمربي الوحيد للحوزة العلمية" أ. هـ.
• قلت: وكان إمام الحوزة العلمية في النجف حتى توفي، وإليه مرجع الشيعة في فتواهم وأمورهم الشرعية وأحوالهم العلمية والعملية وله في تأليفاته الشيء الكثير من ذكر المنهج الشيعي الرافضي في الوقت الحاضر ومن ذلك ما كتب في تفسيره الذي ذكر فيه ما يوجه المنهج الشيعي في القرآن العظيم خاصة. ونذكر هنا ما قاله مقدم كتابه (مرتضى الحكمي) حيث قال:
(وقد عالج الكتاب هذه الآيات آية آية، ونفى أن يكون في واحدة منها ناسخ من الكتاب أو السنة، كما أنكر أن يكون بين هذه الآيات المفروضة النسخ غير ما فيها من عموم وخصوص، أو مطلق ومقيد، أو تباين لا تنظر إحداهن إلى الأخرى بحال من الأحوال، مع أنه لم يتجاهل أن يكون بينها نسخ جزئي، بمعنى أن تكون إحدى هذه الآيات مقيدة -كما قلنا -أو مخصصة لآية أخرى لها صفة الشمول.
وبهذه الخطوة العلمية أطلق كثيرًا من التشريعات لتنفذ إلى مختلف العصور والأجيال، كما هو الشأن في كل التشريعات القرآنية التي تميزت بالخلود، وهي لا تقف عند زمن, ولا يستأثر بها ظرف دون ظرف.
وهذه الخطوة -بالذات- قد أحيت لنا ثروة كبرى من التشريع الإِسلامي أماتها هذا النسخ المدعى، وكان الأحرى بنا أن ننعم بها، ونصدر عنها ونعمل على وفقها في جميع الأحوال والظروف، وقد استهدف -بهذه الخطوة العلمية- أن يؤطر المسلمين ضمن تشريع قرآني موحد في أمهات المسائل والأحكام.
وقد أوضح كل ذلك بتفصيل دقيق لم يسبق له نظير في بحث: "النسخ في القرآن".
وعالج الكتاب نقطة خامسة: وهو أنه وضع منهجًا فذًّا في تفسير القرآن كفاه الاستعانة بكثير من المبادئ والعلوم، إذ هو مصدر الإشعاع لمختلف حقول المعرفة، فوضع منهجه الذي أشاد به في مقدمة الطبعة الأولى -ومشى عليه في تفسيره النموذجي لفاتحة الكتاب. وهو تفسير القرآن بالقرآن، وفهم الآية من أختها، بل فهم الكلمة القرآنية الواحدة من مختلف مواقعها في هذه الآيات، وقد اعتبر الوسيلة إلى ذلك الظهور اللفظي، ومعاضدة العقل الصحيح، والاعتماد على السنة القطعية أو المعتبرة.
وبهذه المحاولة العلمية وقف دون التفسير بالرأي، ودون التعسف في التأويل والأخذ بالقرآن إلى ما يعتمد على الظنون، والروايات المختلفة، والشواهد المهلهلة، وما إلى ذلك من الوجوه.
وقد أوضح كل ذلك في مقدمة الكتاب، وفي بحث: "أصول التفسير" من هذا المدني.
ويمتاز هذا الكتاب أيضًا بمحاولة إسلامية يستهدفها، وينشدها: تلك هي مناهضته للمنازعات المذهبية التي جعلت من القرآن مسرحا لها، مع أن آياته الباهرات جاءت هدى للناس ورحمة، تدعوهم إلى التوحيد والتماسك وتوجههم إلى حياة عقلية واحدة، تؤطر المسلمين، وتجمعهم على شريعة واحدة، لكي لا تفرق بهم السبل، أو تمزقهم الأهواء.
وهي محاولة تستهدف وحدة الكلمة، والدعوة إلى التقارب بين المسلمين عن طريق العلم، وفض المسائل الخلافية بالحكمة والبرهان، وهي ظاهرة تتمشى في كل ما عقده من أبحاث موضوعية حول القرآن، هذا الكتاب الذي جاء صادعًا بالحق والتوحيد في كل تشريعاته وتعاليمه:
وقد ألمع إلى هذه الفكرة الهادفة في الكتاب العالم الأزهري المعروف الشيخ الباقوري بقوله:
"وإني أسأل الله أن ينفع بكم، وأن يجعل لكم جهدًا مذكورًا في جمع الشمل، وإنارة الطريق أمام عامة المسلمين، حتى تظلهم ثقة الأخوة، ويستأنفوا أداء رسالتهم الكبرى في إسعاد أهل الأرض وتحقق قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ}.
وقد أشبع الكتاب هذه الحقيقة، وخاصة في موضوع "صيانة القرآن من التحريف" وبحث: "القرآت والقراء" مستمدًا ذلك من إمضاء الأئمة الهداة من أهل البيت -ع- لهذا القرآن المتداول بين المسلمين. والاستدلال به في أصول الأحكام. وإقرارهم أيضًا لقراءة ما في دفتي هذا القرآن في الفرائض اليومية.
وأما الحديث عن عظمة المؤلف والكتاب على مستوى اللياقة والواقع فأمر يمنعني منه العجز، وتحجبني عنه الوشيجة، ولذلك كان الأمثل أن يوفيه عالم نحرير عرف بالكفاءة العلمية ورجاحة الرأي، ذلك هو العلامة المجاهد داعية الحق الشيخ محمّد جواد مغنية حيث يفصح عن ذلك بقوله:
" .. إنه كالشمس ترسل أشعتها في كل مكان وزمان. إنه أستاذي وأستاذ العلماء في النجف الأشرف، والقطب الذي تدور حوله الحركة العلمية وتدين له "الحوزة" بالشكر والولاء، وعرفان الجميل جزاء الصفرى أياديه ولولا وجوده ووجود القلة من أهل التحقيق والتدقيق لأخذ العهد الذهبي للنجف الأشرف بالأفول -لا سمح الله- وكانت الجامعة النجفية كغيرها لا تعرف سوى الظواهر والقشور، وأعني بالعهد الذهبي العهد الذي عرف الشيخ الأنصاري، والشيخ الخراساني، وحواريهما.
أما الاسم الكبير فالسيد الخوئي، وأما وصفه فالعالم لحمًا ودمًا، عالم لم يقف عند جهة واحدة من جهات العلم والفكر، بل أتقن منها ما أتقن وألم بما ألم، وأحاط في أشرفها وأعظمها، حتى أصبح علمًا من أعلامها الأمثلين، ورائدًا من روادها المقلدين، فقد لبث زمانًا يدنو من السبعين يتعلم ويعلم، ويؤلف؛ ويخرج العلماء ويناقش الجدد منهم والقدماء.
أما أسلوبه في الجدل والنقاش فهو أسلوب سقراط يتجاهل ويتظاهر بتسلم قول الطرف المقابل، ثم يعرض عليه الشكوك والتساؤلات، ويتصنع الاستفادة والاسترشاد، شأن الطالب والتلميذ، حتى إذا أجاب المسكين ببراءة وسذاجة انقض عليه، وانتقل به إلى حقائق تلزم أقواله، ولا يستطيع التخلص منها ويوقعه في التناقض من حيث لا يشعر، ويحمله قهرًا على الاعتراف بالخطأ والجهل.
أما الذين تخرجوا على يده فلا يعلم عددهم إلا الله وحده، وعلى علم اليقين أنهم يعدون بالمئات، أنهم يملأون جامعة يرى ما زالوا على ازدياد، والآن تنضوي المئات تحت منبره، وفيهم الشيوخ والشباب والأساتذة والطلاب والكثير منهم يهضم أفكاره وآراءه، بل ويلتهمها بشوق.
.. أما العرض والشكل فإن سيدنا الأستاذ يأخذ بناصية اللغة العربية وتستجيب كلماتها له وتراكيبها متى أراد، ولا يقتلعها اقتلاعًا من هنا وهناك فلا بدع إذا جاء العرض وافيًا ومعبرًا، وجاءت معاني الكلمات على وفاق وإذا لم يكن الكتاب فريدًا في موضوعاته فإنه يقدم للقارئ وجهة نظر المؤلف الذي عرفت من هو؟ ! وما هي مكانته؟ ! -كما يحمله من حيث يشعر أو لا يشعر- على الإيمان بأن طبيعة الإِسلام لا تنفك عن العلم والعقل.
وهنا تكمن قيمة الكتاب وفائدته العلمية والعملية" أ. هـ. كلام مرتضى الحكمي.
• قلت: قد ذكر في تفسيره هذا ما يوجه النظر عند علماء الشيعة وعامتهم في بعض أمور الدين، وخاصة ما يتعلق بالقرآن الكريم من ناحية التحريف والقراءة والنسخ وغير ذلك، ومن أراد التعرف جليًا على هذا الكلام فليراجع تفسير الخوئي (البيان في تفسير القرآن) الذي لم يتجاوز فيه سورة الفاتحة إلا أن فيه من العقائد الفاسدة عند الشيعة ما نحذر منه القارئ الكريم عند قراءته والتأني فيه .. والله المستعان.
وفاته: سنة (1414 هـ).
من مصنفاته: "البيان في تفسير القرآن" و"دروس في فقه الشيعة" و "تصريحات خطيرة، وغيرها.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
13 سبتمبر 2023
تعليقات (0)