المنشورات
الطباطبائي
المفسر: محمّد حسين الطباطبائي.
كلام العلماء فيه:
• تتمة الأعلام: "من علماء الشيعة البارزين" أ. هـ.
• وإليك بعض النقولات من كتابه (الميزان في تفسير القرآن) الذي يعمد فيه إلي تسأويل الصفات، حيث نراه مرة يؤول ومرة ينفي ومرة يفوض، وإضافة إلي كل ذلك فهو شيعي رافضي.
قال في تفسير (الميزان في تفسير القرآن) (1/ 7) وبعد الكلام عن طرق التفسير: " ... ومن الواضح أن القرآن لم ينزل هدي للمتصوفة خاصة ولا أن المخاطبين به هم أصحاب علم الأعداد والأوفاق والحروف، ولا أن معارفه مبنية علي أساس حساب الجمل الذي وضعه أهل التنجيم بعد نقل النجوم من اليونانية إلي العربية.
نعم قد وردت روايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأئمة أهل البيت عليهم السلام كقولهم: أن للقرآن ظهرًا وبطنًا ولبطنه بطنًا إلي سبعة أبطن أو إلي سبعين بطنًا الحديث. لكنهم عليم السلام اعتبروا الظهر كما اعتبروا البطن واغتنوا بأمر التنزيل كما اعتنوا بشأن التأويل".
وقال في تفسير {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} في (8/ 148): قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} إلي قوله {بِأَمْرِهِ} الاستواء الاعتدال على الشيء والاستقرار عليه، وربما استعمل بمعني التساوي، يقال: استوي زيد وعمرو أي تساويا قال تعالي: {لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ}.
والعرش ما يجلس عليه الملك وربما كني به عن مقام السلطنة، قال الراغب في المفردات: العرش في الأصل شيء مسقف، وجمعه عروش قال: {وَهِيَ خَاويَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} ومنه قيل: عرشت الكرم وعرشتها إذا جعلت له كهيأة سقف. قال: والعرش شيه هودج للمرأة تشبيهًا في الهيأة بعرش الكرم، وعرشت البئر جعلت له عريشًا، وسمي مجلس السلطان عرشًا اعتبارًا بعلوه. قال: وعرش الله ما لا يعلمه البشر علي الحقيقة إلا بالإسم، وليس كما يذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملًا له -تعالي عن ذلك- لا محمولًا والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}، وقال قوم: هو الفلك الأعلى والكرسي فلك الكواكب، واستدل بما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما السماوات السبع والأرضون السبع في جنب الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة والكرسي عند العرش كذلك (انتهى).
وقد استقرت العادة منذ القديم أن يختص العظماء من ولاة الناس وحكامهم ومصادر أمورهم من المجلس بما يختص بهم ويتميزون به عن غيرهم كالبساط والمتكأ حتى آل الأمر إلي إيجاد السرر والتخوت فاتخذ للملك ما يسمي عرشًا وهو أعظم وأرفع وأخص بالملك، والكرسي يعمه وغيره، واستدعي التداول والتلازم أن يعرف الملك بالعرش كما كان العرش بالملك في أول الأمر فصار العرش حاملًا لمعني الملك مثلًا لمقام السلطنة إليه يرجع وينتهي، وفيه تتوحد أزمة المملكة في تدبير أمورها وإدارة شؤونها.
واعتبر لاستيضاح ذلك مملكة من الممالك قطنت فيها أمة من الأمم لعوامل طبيعية أو اقتصادية أو سياسية استقلوا بذلك في أمرهم وتميزوا من غيرهم فأوجدوا مجتمعًا من المجتمعات الإنسانية واختلطوا وامتزجوا بالأعمال ونتائجها ثم اقتسموا في التمتع بالنتائج فاختص كل بشيء منها على قد زنته الإجتماعية.
كان من الواجب أن تحفظ هذه الموحدة والاتصال المتكون بالاجتماع بمن يقوم عليها فإن التجربة القطعية أوضحت للإنسان أن العوامل المختلفة والأعمال والإرادات المتشتتة إذا وجهت نحو غرض واحد وسيرت في مسير واحد لم تدم علي نعت الاتحاد والملاءمة إلا أن تجمع أزمة الأمور المختلفة في زمام واحد وتوضع في يد من يحفظه ويديم حياته بالتدبير الحسن فتحيي به الجميع وإلا فسرعان ما تتلاشي وتتشتت.
ولذلك تري أن المجتمع المترقي ينوع الأعمال الجزئية نوعًا نوعًا ثم يقدم زمام كل فيعطي كل نوع كرسيًا فوق ذلك، وعلي هذا القياس حتى ينتهي الأمر إلي زمام واحد يقدم إلي العرش ويهدي لصاحب العرش.
ومن عجيب أمر هذا الزمام وانبساطه وسعته في عين وحدته أن الأمر الواحد الصادر من هذا المقام يسير في منازل الكراسي التابعة له علي كثرتها واختلاف مراتبها فيتشكل في كل منزل بشكل يلائمه ويعرف فيه، ويتصور لصاحبه بصورة ينتفع بها ويأخذ ملاكًا لعمله. يقول مصدر الأمر "ليجر الأمر" فتأخذه المصالح المالية تكليفًا ماليًا ومصالح السياسة تكليفًا سياسيًا، ومصالح الجش تكليفًا دفاعيًا وعلي هذا القياس كلما صعد أو نزل.
فجميع تفاصيل الأعمال والإرادات والأحكام المجراة فيها المنبسطة في المملكة وهي لا تحصي كثرة أو لا تتناهي لا تزال تتوحد وتجتمع في الكراسي حتى تنتهي إلي العرش فتتراكم عنده بعضها علي بعض وتندمج وتتداخل وتتوحد حتى تصير واحدًا هو في وحدته كل التفاصيل فيما دون العرش، وإذا سار هذا الواحد إلي ما دونه لم يزل يتكثر ويتفصل حتى ينتهي إلي أعمال أشخاص المجتمع وإرادتهم.
هذا في النظام الوضعي الإعتباري الذي عندنا، وهو لا محالة مأخوذ من نظام التكوين، والباحث عن النظام الكوني يجد أن الأمر فيه علي هذه الشاكلة؛ فالحوادث الجزئية تنتهي إلي علل وأسباب جزئية، وتنتهي إلي أسباب أخرى كلية حتى تنتهي الجميع إلي الله سبحانه غير أن الله سبحانه مع كل شيء وهو محيط بكل شيء، وليس كذلك الملك من ملوكنا الحقيقية ملكه تعالي واعتبارية ملك غيره.
ففي عالم الكون علي اختلاف مراحله مرحلة تنتهي إليها جميع أزمة الحوادث الملقاة علي كواهل الأسباب، وأزمة الأسباب علي اختلاف أشخاصها وأنواعها، وترتب مراتبها هو المسمي عرشًا كما سيجيء، وفيه صور الأمور الكونية المدبرة بتدبير الله سبحانه كيفما شاء، وعنده مفاتح الغيب.
فقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} كناية عن استيلائه علي ملكه وقيامه بتدبير الأمر قيامًا ينبسط علي كل ما دق وجل، ويترشح منه تفاصيل النظام الكوني ينال به كل ذي بغية بغيته، وتقضي لكل ذي حاجة حاجته، ولذلك عقب حديث الاستواء في سورة يونس في مثل الآية بقوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} إذ قال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يونس: 3].
وقال في (20/ 112): وقوله {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} خبر بعد خبر لوجه، و {إِلَى رَبِّهَا} متعلق بناظرة قدم عليها الإفادة الحصر أو الأهمية.
والمراد بالنظر إليه تعالي ليس هو النظر الحسي المتعلق بالعين الجسمانية المادية التي قامت البراهين القاطعة علي استحالته في حقه تعالي بل المراد النظر القلبي ورؤية القلب بحقيقة الإيمان علي ما يسوق إليه البرهان ويدل عليه الأخبار المأثورة عن أهل العصمة عليهم السلام وقد أوردنا شطرًا منها في ذيل تفسير قوله تعالى {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ} [الأعراف: 143]، وقوله تعالي {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11)} [النجم: 11].
وقال في (20/ 284): "قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} نسبة المجي إليه تعالي من المتشابه الذي يحكمه قوله تعالى {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى: 11]، وما ورد في آيات القيامة من خواص اليوم كتقطع الأسباب وارتفاع الحجب عنهم وظهور أن الله هو الحق المبين وإلي ذلك يرجع ما ورد في الروايات أن المراد بمجيئه تعالي مجيء أمره قال تعالي: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 19]، ويؤيد هذا الوجه بعض التأيد قوله تعالي {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ} [البقرة: 210] إذا انضم إلي قوله {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل: 33]، وعليه فهناك مضاف محذوف والتقدير جاء أمر ربك أو نسبة المجيء إليه تعالي من المجاز العقلي" أ. هـ.
وفاته: سنة (1402 هـ) اثنتين وأربعمائة وألف.
من مصنفاته: "الميزان في تفسير القرآن"، و "علي والفلسفة الإلهية"، و "أسس الفلسفة والمذهب الواقعي" وغير ذلك.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
14 سبتمبر 2023
تعليقات (0)