المنشورات

ابن الأبار

النحوي، اللغوي، المقرئ: محمّد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن أبي بكر، أبو عبد الله، القضاعي الأندلسي البلنسي، ويعرف بالأبار، أو ابن الأبار، مجد العلماء.
ولد: سنة (595 هـ) خمس وتسعين وخمسمائة.
من مشايخه: أبوه أبو محمّد بن الأبار، والحافظ أبو الربيع بن سالم وغيرهما.
من تلامذته: محمّد بن أحمد بن حيان الأوسي وغيره.
كلام العلماء فيه:
• السير: "المقريء المؤرخ ... وقد رأيت لأبي عبد الله الأبار جزءًا سماه "درر السمط في خبر السبط - عليه السلام -" يعني الحسين بإنشاء بديع يدل على تشيع فيه ظاهر، لأنه يصف عليًّا - رضي الله عنه - بالوصي، وينال من مُعَاوية وآلهِ .. " أ. هـ.
• الوافي: "وكان بصيرًا بالرجال عارفًا بالتاريخ إمامًا في العربية فقيهًا مقرئًا أخباريًا فصيحًا .. وله جزء سماه "درر السمط في خبر السبط" ينال فيه من بني أمية ويصف عليًّا - عليه السلام - بالوصي وهذا تشيع ظاهر .. " أ. هـ.
• فوات الوفيات: "الحافظ العلامة .. الكاتب الأديب .. عني بالحديث .. وكان بصيرًا بالرجال عالمًا بالتاريخ إمامًا في العربية فقيهًا مفننًا أخباريًا فصيحًا، له يد في البلاغة والإنشاء .. وقتل مظلومًا بتونس على يد صاحبها لأنه تخيل منه الخروج وشق العصا .. " أ. هـ.
• عنوان الدراية: "وهو الفقيه المحدث المقرئ، النحوي الأديب، الكاتب البارع التاريخي .. ولو لم يكن له من الشعر إلا القصيدة التي رفعها لمقام الأمير أبي زكريا، يستنجده ويستصرخه لنصرة الأندلس لكان فيها كفاية، وإن كان قد نقدها ناقد وطعن عليه فيها طاعن .. ومطلع هذه القصيدة:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسًا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا" أ. هـ.
• قلت: قال صاحب رسالة الماجستير حسن محمود خليل في (ص 106) وتحت عنوان عقيدته: "تطرق الشك إلى عقيدة ابن الأبار، ومدى التزامه بالسنة والجماعة، وقد توقف بعض المؤرخين عند هذه القضية فأتهموا ابن الأبار بالتشيع. وكان سبب اتهامهم وشكهم تأليفه كتاب (درر السمط في خبر السبط) الذي امتدح فيه آل بيت النبوة وأثنى عليهم. يقول ابن الأحمر في أثناء ترجمته لابن الأبار وذكره لكتابه: لكنه تشتم من تصنيفه (درر السمط) رائحة التشيع وتستطلع منه أبناء الشقاوة أ. هـ. ويقول الصفدي: وله جزء سماه (درر السمط في خبر السبط) ينال فيه من بني أمية ويصف عليًّا - عليه السلام - بالوحي، وهذا تشيع ظاهر أ. هـ.
ونحن بعد الاستعراض السابق لا بد لنا من التوقف عند الكتاب الذي اتهم ابن الأبار بسببه بالتشيع، لزى فيما إذا كانت التهمة صحيحة أم لا؟
يبدأ ابن الأبار كتابه بما يشير إلى تأييده لآل البيت فيقول: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت فروع النبوة والرسالة، إلى أن يقول: أولئك السادة أحيي وأفدي والشهادة بحبهم أوفي وأؤدي، ومن يكتمها فإنه أثم قلبه أ. هـ.
ويستمر في كتابه معلنًا حبه لآل البيت وتقديسه لهم، وتنقيص قدر بني أمية ويرى أن عليًّا سيد الأوصياء، وآخر الخلفاء، وأن مُعَاوية أول الملوك. ومع أنه بين الرجلين خلاف واضح في المزايا، إلَّا أنهما سيجتمعان في الجنة، ويستمر في بيان مكانة عليّ - رضي الله عنه - فيقول مشيرًا إلى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فلولا أن لا نبي بعد" نص في الامتناع، لكان (أنت بمنزلة هارون من موسى) حجة في الاتباع.
ثم يصور مأساة الحسين بعاطفة متأججة فيقول: ما عذر الأموية وأبنائها في قتل العلوية وإفنائها؟ أهم يقسمون رحمة بك؟ كم دليل في غاية الوضوح على أنهم كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق أ. هـ.
وفي (ص 108 - 109) يقول: "ويبدو أن ابن الأبار كان صدوقًا في تصوير مأساة الحسين، فقد ألف كتابًا خاصًّا في رثائه سماه "معدن اللجين في مراثي الحسين".
ويبدو من عنوانه أنه قصائد رثائية تقابل كتابه "درر السمط" النثري.
وقد خلا كتاب "الدرر" من أي رأي من آراء الشيعة، كالقول بالإمامة، والعصمة والأراء الأخرى، كما أنه خلا كما زعمه الصفدي من أن ابن الأبار قد وصف عليًّا - عليه السلام - بالوحي.
وبعد، فإننا إذ نؤكد ما ذهب إليه عبد الله الطباع (1)، وعبد السلام الهراس (2)، من أن ابن الأبار في كتابه قد بين لنا حبه وتقديسه لآل البيت، دون أن يظهر شيئًا من تشيعه -وهذا أمر لا يستطيع أحد أن يأخذه عليه-، فإننا نؤكد أيضًا أن ابن الأبار من علماء السنة وحفاظها، ولم تظهر في مؤلفاته التي وصلتنا آية نزعة شيعية بل إنه يبرأ من كل مذهب غير حب الله ورسوله وصحابته، فيقول من قصيدة في مدح الرسول - عليه السلام - وصحابته:
نصبت لإخلاصي لهم وتخلصي ... بإرشادهم من حيرة الرفض والنصب
فأتبعت حب الله حب رسوله ... وليس مثاب الواصلين سوى الحب
كذلك فإنه يعلن عن تمسك أهل الأندلس بالسنة ومعاداتهم للشيعة فيقول: "كلا بل دانت للسنة، وكانت من البدع في أحصن جنة، هذه المروانية (3) مع اشتداد أركانها، وامتداد سلطانها ألقت حب آل النبوة في حبات القلوب، وولت ولم تظفر من خلعة ولا نقلة بمطلوب، إلى المرابطة بأقاصِي الثغور، والمحافظة على معالي الأمور .. من معاداة الشيعة وموالاة الشريعة".
وبعد أن نفينا عن ابن الأبار التشيع، سنتوقف عند بعض الأبيات الشعرية، التي إن فسرناها بظاهرها، حكمنا على ابن الأبار بالإشراك بالله، يقول:
قسمًا بيحيى المرتضى لقد انقضى ... من بأسه مثل الصفاح صفاحا
ويقول أيضًا:
قسمًا به، لولا أمارة نجله ... لغدا الهدى نثرًا بغير نظام
فكما نراه، يقسم بممدوحه، فيحله عل الله، ولو أخذنا بظاهر الأبيات لكفرنا الرجل، ولكننا -لإطمئناننا إلى عقيدته-، نرى أن هذه الآيات مبالغة واضحة أتت في لحظة انفعال دون سابق إصرار لذا فإنها لا يمكن أن تمس عقيدته بسوء" أ. هـ.
قلت: أما قوله (لكفرنا الرجل) حكم على ابن الأبار غير صحيح، فالحلف بغير الله شرك أصغر، لا يفضي إلى الكفر مع عدم الإصرار والاعتقاد. والله أعلم.

فكان ينبغي على صاحب الرسالة أن لا يورد هذه العبارة ثم يعتذر عنه بأنه قالها مبالغة دون إصرار.
وفاته: سنة (658 هـ) ثمان وخمسين وستمائة.
من مصنفاته: "تكملة الصلة" و"الحلة السيراء" و"تحفة القادم" وغيرها.






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید