المنشورات
القفال الشاشي
النحوي، اللغوي، المفسر: محمّد بن عليّ بن إسماعيل، أبو بكر الشاشي (1)، الشافعي، القفال الكبير.
ولد: سنة (291 هـ) إحدى وتسعين ومائتين.
من مشايخه: ابن خريمة، وابن جرير، وعبد الله المجائني وغيرهم.
من تلامذته: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وابن منده وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
* الأنساب: "أحد أئمة الدنيا في التفسير والحديث والفقه واللغة .. قال أبو حَاتِم بن حبان: كان فقيه البدن .. " أ. هـ.
* وفيات الأعيان: "إمام عصره بلا مدافعة، كان فقيهًا محدثًا أصوليًا لغويًّا شاعرًا لم يكن بما وراء النهر للشافعيين مثله في وقته، ... وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء .. " أ. هـ.
* السير: "اللغوي المفسر الأصولي الفقيه إمام وقته، صاحب التصانيف .. سئل أبو سهل الصعلوكي عن تفسير أبي بكر القفال، فقال: قدّسه من وجه، ودنسّه من وجه -أي دنّسه من جهة نصرة الاعتزال- انتهى.
قال -الذهبي- قد مر موته والكمال عزيز وإنما يمدح العالِم بكثرة مالهُ من الفضائل فلا تدفن المحاسن لورطة ولعله رجع عنها وقد يغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق، ولا قوة إلا بالله .. " أ. هـ.
قلت: وإذا ثبت في تفسيره مذهب الاعتزال فلا حاجة إلى هذا الاعتذار ولا ينفع حين التعامل مع تفسيره، أما تقويمه كعالم مجتهد، فنعم.
* طبقات الشافعية للسبكي:
"الإمام الجليل، أحد أئمة الدهر، ذو الباع الواسع في العلوم، والد الباسطة، والجلالة التامة، والعظمة الوافرة.
كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الكلام، إمامًا في الأصول، إمامًا في الفروع، إمامًا في الزهد والورع، إمامًا في اللغة والشعر، ذاكرًا للعلوم، محققًا لما يورده، حسن التصرف فيما عنده، فردًا من أفراد الزمان.
قال فيه أبو عاصم العبادي: هو أفصح الأصحاب قلما، وأثبتهم في دقائق العلوم قدمًا، وأسرعهم بيانًا، وأثبتهم جنانًا، وأعلاهم إسنادًا، وأرفعهم عمادًا.
وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره.
وقال في كتابه "شعب الإيمان" في الشعبة السادسة والعشرين، في الجهاد: إمامنا الذي هو أعلى من لقينا من علماء عصرنا، صاحب الأصول، والجدل، وحافظ الفروع، والعلل، وناصر الدين بالسيف والقلم، والموفي بالفضل في العلم على كل علم، أبو بكر محمّد بن عليّ الشاشي.
وقال الحاكم أبو عبد الله: هو الفقيه، الأديب، إمام عصره بما وراء النهر للشافعيين، وأعلمهم بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: كان إمامًا، وله مصنفات كثيرة، ليس لأحد مثلها، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، وله "كتاب في أصول الفقه" وله "شرح الرسالة" وعنه انتشر فقه الشافعي بما وراء النهر.
وقال ابن الصلاح: القفال الكبير، علم من أعلام المذهب رفيع، ومجمع علوم هو بها عليم ولها جموع .. ".
ثم قال: "وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: بلغني أنه كان مائلًا عن الاعتدال، قائلًا بالاعتزال في أول مرة، ثم رجع إلى مذهب الأشعري.
قلت: وهذه فائدة جليلة، انفرجت بها كربة عظيمة، وحسيكة في الصدر جسيمة، وذلك أن مذاهب تحكى عن هذا الإمام في الأصول، لا تصح إلا على قواعد المعتزلة، وطالما وقع البحث في ذلك حتى تُوُهِّم أنه معتزلي، واستند المتوهم إلى ما نقل أن أبا الحسن الصفار، قال: سمعت أبا سهل الصلعوكي، وسئل عن تفسير الإمام أبي بكر القفال فقال قدّسه من وجه، ودنسه من وجه، أي دنسه من جهة نصرة مذهب الاعتزال.
قلت: وقد انكشفت الكربة بما حكاه ابن عساكر، وتبين لنا بها أن ما كان من هذا القبيل، كقوله يجب العمل بالقياس عقلًا، وبخبر الواحد عقلًا، وأنحاء ذلك، فالذي نراه أنه لما ذهب إليه كان ذلك المذهب، فلما رجع لا بد أن يكون قد رجع عنه، فاضبط هذا.
وقد كنت أغتبط بكلام رأيته للقاضي أبي بكر في "التقريب" "والإرشاد" وللأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني في "تعليقه" في أصول الفقه في مسألة شكر المنعم، وهو أنهما لما حكيا القول بالوجوب عقلًا عن بعض فقهاء الشافعية من الأشعرية قالا: اعلم أن هذه الطائفة من أصحابنا، ابن سريج، وغيره، كانوا قد برعوا في الفقه، ولم يكن لهم قدم راسخ في الكلام، وطالعوا على الكبر كتب المعتزلة، فاستحسنوا عباراتهم، وقولهم: "يجب شكر المنعم عقلا" فذهبوا إلى ذلك، غير عالمين بما تؤدي إليه هذه المقالة، من قبيح المذهب.
وكنت أسمع الشيخ الإمام رحمه الله يحكى ما أقوله عن الأستاذ أبي إسحاق، مغتبطًا به فأقول له: يا سيدي، قد قاله أيضًا القاضي أبو بكر، ولكن ذاك إنما يقال في حق ابن سريج، وأبي عليّ بن خيران، والإصطخري، وغيرهم من الفقهاء الذاهبين إلى ذلك، الذين ليس لهم في الكلام قدم راسخ، أما مثل القفال الكبير، الذي كان أستاذًا في علم الكلام، وقال فيه الحاكم: إنه أعلم الشافعيين بما وراء النهر بالأصول، فكيف يحسن الاعتذار عنه بهذا؟
فلما وقفت على ما حكاه ابن عساكر انشرحت نفسي له، وأوقع الله فيها أن هذه الأمور أشياء كان يذهب إليها، عند ذهابه القوم، ولا لوم عليه في ذلك بعد الرجوع وفي "شرح الرسالة" للشيخ أبي محمّد الجويني أن أصحابنا اعتذروا عن القفال نفسه حيث أوجب شكر المنعم، بأنه لم يكن مندوبًا في الكلام وأصوله.
قلت: وهذا عندي غير مقبول، لما ذكرت.
وقد ذكر الشيخ أبو محمّد بعد ذلك، في هذا الكتاب أن القفال أخذ علم الكلام عن الأشعري، وأن الأشعري كان يقرأ عليه الفقه، كما كان هو يقرأ الكلام، وهذه الحكاية كما تدل على معرفته بعلم الكلام، وذلك لا شك فيه، كذلك تدل على أنه أشعري وكأنه لما رجع عن الاعتزال، وأخذ في تلقي علم الكلام عن الأشعري، فقرأ عليه على كبر السن، لعلي رتبة الأشعري، ورسوخ قدمه في الكلام، وقراءة الأشعري الفقه عليه تدل على علو مرتبته، أعني مرتبة القفال وقت قراءته على الأشعري، وأنه كان بحيث يحمل عنه العلم .. " أ. هـ.
* قلت: قال صاحب كتاب (مذهب أهل
التفويض) عند كلامه على الإمام أبو سليمان،
محمّد بن محمّد الخطابي، وأشهر ما ألفه، ما نصه:
"ومن أشهر ما ألف في شروح الأحاديث كتاباه: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري ومعالم سنن أبي داود السجستاني، وقد اتصل سنده بأبي حسن الأشعري بواسطة أبي بكر القفال الشاشي، محمّد بن عليّ بن إسماعيل الذي أخذ علم الكلام عن الأشعري، وأن الأشعري كان يقرأ عليه الفقه، كما كان هو يقرأ عليه الكلام" أ. هـ.
وفاته: سنة (365 هـ) خمس وستين وثلاثمائة، وقيل: (335 هـ) خمس وثلاثين وثلاثمائة، وقيل: (336 هـ) ست وثلاثين وثلاثمائة، والأول أصح.
من مصنفاته: "أصول الفقه" و"محاسن الشريعة" و"شرح رسالة الشافعي".
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
16 سبتمبر 2023
تعليقات (0)