المنشورات
ابن الأنباري
النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: محمّد بن القاسم بن محمّد بن بشار بن الحسن بن بيان بن سماعة، أبو بكر، ابن الأنباري.
ولد: سنة (271 هـ)، وقيل: (272 هـ) إحد ى وسبعين، وقيل: اثنتين وسبعين ومائتين.
من مشايخه: محمّد بن يونس الكديمي، وإسماعيل القاضي، وثعلب وغيرهم.
من تلامذته: الدارقطني، وأحمد بن نصر الشَّذائي، وأبو عليّ القالي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• تاريخ بغداد: "كان ابن الأنباري صدوقًا ديّنًا، من أهل السنة. صنف في علوم القرآن والغريب والمشكل والوقف والابتداء قال حمزة بن محمد: كان ابن الأنباري زاهدًا متواضعًا، حكى الدارقطني أنه حضره، فصحف في اسم، قال: فأعظمت أن يُحمل عنه وهمٌ وهبته فعرفتُ مستمليه. فلما حضرت الجمعة الأخرى، قال ابن الأنباري، لمستمليه: عزف الجماعة أنا صحفنا الاسم الفلاني. ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب.
كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شواهد لتفسير القرآن. وكان يملي كتبه من حفظه. وكان يحفظ عشرين ومائة تفسير بأسانيدها" أ. هـ.
• السير: "حمل عن والده وألف الدواوين مع الصدق والدين، وسعة الحفظ. وكان من أفراد العالم.
قال أبو عليّ القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاث مئة ألف بيت شاهد في القرآن. قال محمّد بن جعفر التميمي: ما رأينا أحدًا أحفظ من ابن الأنباري، ولا أغزر من علمه. وقيل: كان يأكل القلية (1) ويقول: أبقي على حفظي أ. هـ.
الإمام الحافظ اللغوي ألف الدواوين الكبار مع الصدق والدين وسعة الحفظ وبلغني أنه أملى (غريب الحديث) في خمسة وأربعين ألف ورقة فإن صح هذا، فهذا الكتاب يكون أزيد من مائة مجلد. وكان أبوه القاسم محدثًا أخباريًا علامة من أئمة الأدب.
قال محمّد بن إسحاق النديم: كان أبو بكر الأنباري ورعًا من الصالحين لا تعرف له زلّة وكان أفضل من أبيه وأعلم وكان يضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب أ. هـ.
ووقف أبو يوسف المعروف بالإقسامي على أبي بكر بن الأنباري يومًا في جامع المنصور ببغداد فقال له يا أبا بكر إن أهل بغداد أجمعوا على أنك بخيل فأعطني درهمًا أخرق به الإجماع فضحك ولم يعطه شيئًا" أ. هـ.
• وفيات الأعيان: "كان صدوقًا ثقة دينًا خيرًا من أهل السنة" أ. هـ.
• المنتظم: "كان صدوقًا فاضلًا دينًا من أهل السنة، وكان من أعلم الناس بالنحو والأدب وأكثرهم حفظًا له" أ. هـ.
• قلت: في مقدمة كتابه (المذكر والمؤنث) للدكتور طارق عبد عون الجنابي -الطبعة الأولى/ بغداد- (1978 م). قال: (أما خلقه الإنساني، فما قدح فيه أحد، ولا نالته تهمة، فقد كان موضع إكبار، وحب. وكان ابنًا بارًا مكبرا أباه، فإذا نقل عنه، قال: حدثني أبي، تواضعًا، فإذا نقل عن غيره، قال: حدثنا وأخبرنا بصيغة الجماعة. ونعته ابن النديم بأنه كان ورعًا من الصالحين، لا يعرف له حرمة، ولا زلة، وأنه كان زاهدًا متواضعًا. و"صدوقًا فاضلًا دينًا خيرًا".
وأما خلقه العلمي، وتواضعه، فأمره، مما نفتقر إلى مثله اليوم، فإذا أخطأ، وهو العالم الثبت، لم يمنعه علمه أن يعترف بجرأة، بأنه أخطأ، وينبه على الصواب. وعلى ما كان له في قلوب تلاميذه من إجلال وود، لم يكن منقصة أن يذكر أن واحدًا قد وقف على تصحيف له، فأشار إليه. "حكى أبو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس أملاه يوم الجمعة، فصحف أسمًا أورده في إسناد حديث، أما كان حبان، فقال: حيان، أو حبان، فقال: حبان. قال أبو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته، وهم، وهبته أن أوافقه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت إلى المستملي، وذكرت له وهمه، وعرفته صواب القول فيه، وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه، فقال أبو بكر للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أنا صحفنا الإسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب، وهو كذا، وعرف ذلك الشاب، أنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قال".
ولم يكن يطعن علي أحد من أقرانه قط في مجلس، وأن ظن أنه خلط في رواية، أو أخطأ في مسألة، حُكي أنأ أبا عمر الزاهد كان مؤدب ولد القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف، فأملى على الغلام نحوًا من ثلاثين مسألة في اللغة، ذكر غريبها، وختمها بيتين من الشعر. وحضر أبو بكر بن دريد، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو بكر بن مقسم عند القاضي أبي عمر فعرض عليهم تلك المسائل، فما عرفوا منها شيئًا، وأنكروا الشعر. فقال لهم القاضي: ما تقولون فيها؟ فقال ابن الأنباري، أنا مشغول بتصنيف "مشكل القرآن"، ولست أقول شيئًا".
ومضى أبو بكر بن الأنباري في الخالدين، مخلفًا وراءه إرثًا عريضًا من كتب اللغة والنحو، وعلوم القرآن والحديث، والأمال، وغير ما خدم بها العربية خدمة جليلة، وكانت له عنوان ألمعية، وبراعة، وعظمة. وقد توفي في بغداد ليلة عيد النحر من ذي الحجة لسنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، ودفن في داره. وزعم الزبيدي أن وفاته كانت سنة سبع وعشرين. وقال القفطي: "وكان الأول أثبت".
ثقافته وعقيدته:
تتلون ثقافة ابن الأنباري تلون الثقافة والعصر، وإن كانت ألوان ثقافته تصب في مجرى الدراسات العربية والقرآنية. يوضح هذا ما ستعرفه من آثاره في النحو واللغة والحديث. وعلوم القرآن، خاصة ما يتصل منها بالقراءات، وما لها من أثر في آراء المسلمين ومعتقداتهم، ووجوهه في العربية قبولًا، أو ردًّا، مع الاحتجاج لذلك بالشواهد، أو بالتعليل، والتأويل، أو بمذاهب المتقدمين من علماء العربية المتفننين في الصناعة، الآخذين منها بالمسر واليد.
ومن أجل أن تستكمل هذه الثقافة،
"الموسوعية" شروطها، وعمقها، وابتداعها الآراء، عني بالغريب، وكان ذلك معتمدًا على روايته الواسعة للغة والشواهد عن علماء العربية، وعن الأعراب، كما في بالسند عناية فائقة، لأنه كان في طائفة رجال الحديث إذا عددنا مصنفه في غريب الحديث، وهو من أضخم المصنفات، في هذا الضرب من التآليف، سببًا لأن تسلكه في جملة رجال الحديث، وقد ترجم له "الذهبي" في طبقات الحفاظ منهم.
لقد تواشجت في ثقافة أبي بكر بن الأنباري علوم العربية بعلوم القرآن والحديث، حتى لم يعد من الحصافة العلمية أن يصار إلى فصلها عن بعضها فصلًا قسريًا، ووضع كل منها في باب يفضي إلى علم من العلوم، ويبدو لي أن شروط المحدثين في الحديث المروى قد أحكمت الهيمنة على منهج أبي بكر في البحث، وكانت ثقافته بذلك تمتاز بالأصالة، والصدق، والتوثقة.
وأما عقيدته، فقد كان حنبلي المذهب، شديد التمسك بحنبليته، ولعل هذا كان المنطلق إلى الاعتداد الشديد بالقراءات القرآنية، وبرسم المصحف حتى كان من أمره أن رد على كل ابتداع أو زيغ، ووضع في ذلك كتبًا مشهودًا لها بقوة الحجة، وحسن الدليل" أ. هـ.
وفاته: سنة (328 هـ) ثمان وعشرين وثلاثمائة عن (57 سنة).
من مصنفاته: "الوقف والابتداء"، و"كتاب المشكل"، و"غريب الحديث النبوي" وغيرهما كثير.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
16 سبتمبر 2023
تعليقات (0)