المنشورات

ابن عرفة الورغَمّي

اللغوي، المفسر: محمّد بن محمّد بن محمّد (ثلاث) بن عرفة الورغمي التونسي المالكي، أبو عبد الله، شيخ الإسلام بالمغرب.
ولد: سنة (716 هـ) ست عشرة وسبعمائة.
من مشايخه: ابن عبد السلام، والوادي آشي، وابن سلمة وغيرهم.
من تلامذته: ابن حجر، ويحيى الميجسي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* إنباء الغمر: "اشتغل وتمهر في الفنون وأتقن المعقول إلى أن صار إليه المرجع في الفتوى ببلاد المغرب، وكان معظمًا عند السلطان فمن دونه مع الدين المتين والخير والصلاح" أ. هـ.
* الضوء: "قال عنه الأقفهسي: كان رأسًا في العبادة والزهد والورع ملازمًا للاشتغال بالعلم" أ. هـ.
* الشذرات: "برع في الأصول، والفروع، والعربية، والمعاني، والبيان، والفرائض والحساب ... ولم يكن بالعربية من يجري مجراه في التحقيق" أ. هـ.
* شجرة النور: "شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ أستاذ الأساتذة وقدوة الأئمة الجهابذة علامة الدنيا، الحائز قصبات السبق في العلوم بلا ثنيا الحافظ النظار المتحلي بالوقار مع الجلالة ومزيد الاعتبار" أ. هـ.
* البدر الطالع: "صار الرجوع إليه بالمغرب وتصدى لنشر العلم مع الجلالة عند السلطان فمن دونه والدين المتين والتوسع في الدّنْيا والتظاهر بالنعمة في مأكله وملبسه وكثرة الصدقة والإحسان إلى الطلبة مع إخفائه لذلك" أ. هـ.
* قلت: ومن كتاب "تفسير الإمام ابن عرفة" دراسة وتحقيق د. حسن المتاعي نذكر ما نصه عنه: "قد لا أتفق مع الشيخ ابن عرفة نفسه إذا ما أطلقت عليه صفة المفسر ذلك لأنه صرح في مقدمة تفسيره أن التفسير حاصل في الكتب وقد قام به جمع كثير وسقط بذلك فرض الكفاية لحصول هذا العمل في الكتب، وأن مرتبته العلمية لا تؤهله إلا لأن يكون ناقلًا للتفسير فقط؟
والحقيقة أن هذا تواضع منه على عهده في حب التواضع، لأنه: وإن لم يقدم لنا تفسيرًا مؤلفًا بخطه على عهد من سبقه من المفسرين، فإنه قدم لنا أنموذجًا حيًّا لمنهجية تفسيرية أفريقية ابتعدت عن مسلك بعض المناهج المشرقية في التأليف والتحرير، وسلكت مسلك البحث والجمع والتحليل والإملاء، وأقامت بين الأستاذ والطالب حوارًا بناء يجتمع حول دراسة النصوص القرآنية لتتمخض عنه مادة تفسيرية جديدة تعبر في عمومها من اكتمال الثقافة الإسلامية، وتجمع منها ما استقام على أسس سنية أشعرية منيعة تتهاوى دونها المذاهب الكلامية المخالفة.
سارت دروس التفسير في منهجها على نسق متشابه حيث كانت تتلى الآية أو الآيات ثم يبدأ في التفسير، فيورد كلام أئمة القراءات أو اللغة والنحو ويعتني ببيان ما احتمل التأويل أو الاختلاف بين المفسرين فيذكر أقوال العلماء من أصولين وفقهاء ومحدثين وقد يعرج في ذكر نكتة بلاغية أو علمية أو شواهد شعرية أو قضايا اجتماعية ظرفية أو مباحث في أصول الدين أو أصول الفقه ليقوم بهما ما لم يستقم من تفسير أو تأويل ويرجح به آراء على أخرى، وتلتقي جميعها أحيانًا في الآية الواحدة، وتعرض على التلاميذ لتناقش فيصير الدرس محكمة تفسيرية تتداول فيها الآراء سجالًا بين الحاضرين، فتجمع الاحتمالات العديدة والأوجه المختلفة، وتتدارس برؤى سنية أشعرية ومنهجية حرة ربما كانت فيها الكلمة الأخيرة لأحد الطلبة يقره عليها شيخه بكل تواضع علمي. ولقد اختار ابن عرفة لنفسه هذا المنهج التربوي، وآثره على غيره من المناهج، وسار بالتفسير وجهة جديدة: وجهة السؤال والجواب قبل تقرير المسألة، وفي هذا يقول البسيلي بعد ذكر بعض أسئلة الطلبة: "وهذه أسئلة وأجوبتها وأمثالها مما ذكرنا في كتابنا هذا، هو مما يقع بين الطلبة في مجلس شيخنا ابن عرفة رحمه الله أو بينه وبينهم وذلك مما يدلك على علو مرتبته وعظم منفعته ولذلك كان حذاق الطلبة يفضلونه على غيره من مجالس التدريس وأنشدنا في نظمه هذا المعنى:
[طويل]
إذا لم يكن في مجلس العلم نكتة ... بتقرير إيضاح لمشكل صورة
وعزو غريب النقل وفتح مقفل ... أو إشكال أبدته نتيجة فكرة
فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... وإياك تركا فهو أقبح خلة
فالتفسير عنده ليس عملية تقريرية لجملة من المسائل بقدر ما هو طريقة إيفاضية مولدة للأفكار منبهة للعقول ومحفزة للهمم للبحث عن خفايا القضايا بطريقة استقرائية منطقية وبأسلوب لا يعرف الملل ولا تتطرق إليه الرتابة المميتة لسير الدرس" أ. هـ.
وفاته: سنة (803 هـ) ثلاث وثمانمائة، وله سبع وثمانون سنة.
من مصنفاته: "المبسوط" في المذهب في سبعة أسفار، و"مختصر الحوفي" في الفرائض، وعلق عنه بعض أصحابه كلامًا في التفسير كثير الفوائد في مجلدين وكان يلتقطه في حال قراءتهم عليه وبدونه، وكلامه فيه دال على التوسع في الفنون وإتقان وتحقيق.





مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید