المنشورات
إطفيِّش
اللغوي، النحوي، المفسر: محمّد بن يوسف بن عيسى بن صالح إطفيش، وينتهي نسبه إلى عمر بن حفص الهنتاني جد العائلة الحفصية المالكية في تونس، العدوي الجزائري.
ولد: سنة (1236 هـ) ست وثلاثين ومائتين وألف.
من مشايخه: الشيخ عبد العزيز التميمي، والشيخ الحاج إبراهيم بن يوسف وغيرهما.
من تلامذته: الشيخ إبراهيم بن بكير حفار، والشيخ يوسف بن بكير وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* الأعلام: "علّامة بالتفسير والفقه والأدب، إباضي المذهب، مجتهد، كان له أثر بارز في قضية بلاده السياسية يدل على وطنية صحيحة، له أكثر من ثلاثمائة مؤلف" أ. هـ.
* معجم أعلام الجزائر: "مجتهد، من أكابر العلماء بالفقه والأدب واللغة والتفسير من رجال النهضة الحديثة بالجزائر، عكف على التدريس والتصنيف والوعظ والإرشاد إلى أن وافاه الأجل وعمره ستة وتسعون سنة" أ. هـ.
* مقدمة كتابه (شرح كتاب النيل وشفاء العليل): "كان واسع الأفق في القراءة واقتناء الكتب لا يتعصب لمذهب إسلامي فيحصر نفسه منه. إنه يدرس كتب المذاهب الإسلامية كلها .. حيث كانت مكتبته على كتب المذهب المالكي .. وكذلك كتب الحنفية والشافعية والحنابلة والمعتزلة والشيعة. وقد درسها كلها وعرف المذاهب الإسلامية" أ. هـ.
* قلت: قال صاحب رسالة الماجستير مقدمة من الطالب محمّد عكّي علواني في رسالته بعنوان (محمد بن يوسف إطفيش ومنهجيته في التفسير): في صفحة (5) قال: "ينحدر المفسر من سلالة مشهورة بالعلم والذكاء فقد كان جده محمّد بن عبد العزيز علامة عصره ومرجع الفتوى كما نبغ علماء كثيرون في عائلته فاجتمعت في الولد أسباب النبوغ الوراثية من الفرعين المشهورين بالعلماء والمصلحين .. حاول تفسير القرآن ثلاث مرات غير أن أحد تفاسيره الذي هو (داعي العمل) لم يكمله .. فقد تعرضت إلى انتقادات لاذعة -أحيانًا- منها اعتماده الإسرائيليات وتحيزه إلى مذهبه وتحامله على المذاهب الأخرى .. ".
وقال في صفحة (203): "يقول المفسّر في تفسير قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} من الآية 16 الملك نفيًا للتشبيه: "ولا يزول الإشكال إلا بالتأويل" إلى أن يقول: "وتأويل المتشابه هو الحق ويعقب ذلك بالردّ على من ينكر التأويل قائلًا: "وجمهور سلف قومنا على إبقاء المتشابه بلا تأويل ويقول أنه على ظاهره إلا أنه بلا تكييف وهو جهالة وظلمة مع وجود العلم والنور وكثيرًا ما أوّل ابن عباس وغيره من الصحابة المتشابه، فلو كان التأويل حرامًا أو مكروهًا لما فعلوه، والتأويل تصحيح لقوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} عمل به وفي تركه مع إمكانه تقصير في الدين وإبقاء للمرتاب على ارتيابه وتقوية وإعانة للتشبيه، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "آمنوا بمتشابهه" فليس فيه النهي عن التأويل بل أمر بالإيمان ونهى عن إنكاره وجعله من غير الله أو أمر بالوقف لمن لم يدرك التأويل، ويختم كلامه بقوله: "وما لا ندرك معناه نبقه بلا تأويل ونؤمن به".
وفي موضع آخر من تفسيره يرى أن التأويل يطلق على التفسير الصحيح والتفسير الباطل، أو يكون المراد منه المعنى الأول وليكن في زعم المبتغين للفتنة.
وقد ذهب الدارسون في قضية التأويل مذاهب، فمن هؤلاء من اعتبرها بدعة أول من فتح بابها الخوارج وأدّت إلى نتائج عملية خطيرة أما صاحب كتاب "التفسير والمفسرون" فبعد تبيانه للفرق بين التفسير والتأويل يعرف الأول بقوله: "ما كان راجعًا إلى الرواية" ويعرّف الثاني بقوله: "ما كان راجعًا إلى الدّراية"، ومن هذا التعريف يحكم صابر طعيمه على الأباضية بقوله: "وهكذا وقع الأباضية في نهج عقلي اعملوا فيه تأويل النصوص الشرعية مخالفين بذلك مذهب جمهور المسلمين".
أما صاحب كتاب (مباحث في علوم القرآن) نراه يفرق بين مفهوم التأويل عند الأوائل الذي يعني التفسير ومفهومه عند المتأخرين الذي هو: "صرف اللفظ عن الاحتمال الراجع إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به" وأطلق على هذا الأخير التأويل المذموم ويؤاخذ المتأخرين عليه قائلًا: "إنما لجأ إليه كثير من المتأخرين مبالغة منهم في تنزيه الله تعالى عن مماثلة للمخلوقين كما يزعمون وهذا زعم باطل أوقعهم في مثل ما هربوا منه أو أشد" ويمضي في شرح ذلك.
ويفهم من القول الأخير أن تأويل المتشابه من آيات لا يقتصر على الأباضية والخوارج فقط أو غيرهم من المعتزلة، وإنما هو اتجاه المتأخرين.
وقد تعرضنا لهذه المسألة، فرجوعنا إليها من باب المقارنة ليتجلى اتجاه المفسر في هذه المسألة التي هي أساس تفسير الآيات المتشابهة المتعلقة بمسائل عقائدية مثل إنكار الرؤية، والاستواء على العرش وغيرها، ولا يعني هذا أننا سنتعرض لجميع ما يتميز به المذهب الأباضي من المسائل وإنّما سنكتفي بضرب أمثلة الغرض منها تبيان أسلوب معالجة المفسّر لهذه المسائل ووجهة نظره منها.
فلإثبات نفي رؤية الباري يوم القيامة في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23] من سورة القيامة يسوق أدلة لغوية ونقلية وعقلية، ففي البداية يتعرض لصيغة الآية، وللجانب اللغوي فيقول: "قدّم بطريق الاهتمام والحصر، وللفاصلة"، أي شبه الجملة المشتمل على الجار والمجرور {إلى ربها} ثم يشرع في الرد قائلًا: "المتبادر يفيد أنه ليس المعنى تنظر أبصارهم إلى ذاته تعالى، لأنّ مدّعي الرؤية لا يقول ينظر إلى ذاته فقط دائمًا، وإن قيل التقديم ليس للحصر، بقي أن النظر إلى الذات ولو أقل من لحظة موجب للتحيز تعالى الله عنه "ويسوق -بعد ذلك- الأدلة التي تثبت أن النظر هنا قد يفيد معنى الانتظار فيقول: "وناظرة خبر ثان ومعناه منتظرة ومن تعني النظر بمعنى الانتظار إلى قولهم انظر إلى الله ثم إليك أي أنتظر فضل الله ثم فضلك وقول الشاعر:
وجوه ناظرات يوم بدر ... إلى الرحمن يأتي بالفلاح
وقول شاعر:
سبحانه كل الخلائق ينظرون سبحانه ... نظر الجحيم إلى طلوع هلال
وقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيسَرَةٍ}، قال الإمام عليّ: "ناظرة تنتظر حتى يأذن لهم ربهم في دخول الجنة أو إلى بمعنى النّعمة .. أو ثواب ربها أو رحمة ربها" إلى أن يقول: "وكلّ حذف أو تأويل ولو كان خلاف الأصل مقدم على عدمه إذا كان عدمه يؤدي إلى التشبيه أو نحوه والتقدير والتأويل هما المناسبان لقوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} المتفق عليه، ولكونه لا يتحيّز ولا يتجّه، ولا يتجسّم كما هو المتفق، وذلك كله بالذات، وما بالذات لا يتخلف باختلاف الأزمنة ولتنزيهه عن اللّون والطّول والقصر والغلظة والرقّة ورؤيته تنقص هذه الاصول كلّها وتثبت غيبته عن المواضيع الأخر والتجزيء ولزمهم أن الله محسوس لخلقه وينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن كلام الله تعالى قائلًا: "وهؤلاء قوم لا يخفى عليهم في بعض الأصول كما قالوا أن موسى سمع كلام الله النّفسي القديم أثبتوا الكلام النفسي وأثبتوا له مسموع مع أنه غير صوت وقد أبطل هذا بعض حذّاقهم وشنّع على الغزاليّ والأشعري في قولهما سماع كلام الله الأزلي، وقال اتفقوا على أنه لا يسمع غير الصّوت وقد رجع إلينا من قال معنى سماع الكلام الأزليّ أنه معلوم بسماعنا من الشرع أن الكلام النفسيّ ثابت قلنا أيضًا لا نسلم بثبوت الكلام النفسي.
ويعود ثانية للردّ على من يثبت الرؤية قائلًا: " .. ولا عاقل يترك ما هو توحيد إلى ما يخالفه ووضعوا أحاديث منها أنه ينظر إليهم وينظرون إليه ولا يقطعون نظرهم حتى يحتجب عنهم ومنها أن أكرمهم على الله سبحانه من ينظر إليه صباحًا ومساءً ولا يعني عن مدّعي الرؤية دعوى أنها ليست على المعتاد لأن حاصلها الانكشاف وهو منزّه عنه، ولا يضرّهم الانتظار لأن ما هم فيه من النّضرة نعمة عظيمة تنفي همّ الانتظار بل جعل الله الانتظار نعمّة أخرى.
ومن الملاحظ أن المفسّر يدافع بكلّ ما لديه من حجج عقلية ونقلية عن وجهة نظر الأباضية، لا سيّما في المسائل العقائدية، فإذا وجد من يميل من غيرهم إلى آرائهم أو في وجهة نظره ما يقرب منها، جعل ذلك حجّة للخصم وتباهى به، وقد يعالج مع القضيّة الرئيسية قضايا أخرى لها علاقة بها مثلما هو الشأن في المثال السابق إذ كان يتناول بالبحث قضّية نفي الرؤية والردّ على مفسِّري الآية الكريمة حسب معناها اللغوي دون تأويل، ولكنِّه تطرَّق في نفس الوقت إلى قضيتين أخريين.
أولاهما: صفاته سبحانه وتعالى، وكلامه، وهما من القضايا الخلافيّة أيضًا.
ومن تحمّس المفسِّر لمذهبه، ودفاعه عن وجهات نظره، وانتهازه لكلّ فرصة لإثبات آرائه في قضايا مختلفة، نأخذ على سبيل المثال قضيّة الرؤية التي أشرنا إليها سابقًا، نجده يتعرّض لها في عدّة مواضع، فقد أشار إليها في تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7]، كما ذكرها مع قضايا أخرى خلافية في قوله تعالى: {وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105]، وتصدى للردّ على القائلين بالرؤية في قوله عزَّ وجلَّ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} [النساء: 153] وفي تفسيره أمثلة كثيرة.
ولزيادة التوضيح نلاحظ كيف يستدلّ بقوله تعالى: {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55] على كفر من يثبت الرؤية فيقول: "والآية دليل على كفر مجيز الرؤية دنيا وأخرى، وذلك لأن إجازتها ولو في القلب إجازة لتكييفه وتكييفه ممتنع لأن فيه تشبيهًا وإدراكه بالقلب تكييف لا يتصور بدونه، فلا يصحّ قولهم: بلا كيف، وتكييفه في القلب بلا تقدير أن يكيّفه لغيره هو من نفس المحذور".
نلاحظ في الأمثلة أن المفسِّر لا يكتفي بتبيان وجهة نظر المذهب الأباضي، بل يتصدى للردّ على مخالفيه، وإذا وجد عالمًا مذهبًا يوافق الأباضية في رأي ذكره مثلما فعل عند تعرّضه لمسألة الشّفاعة في قول تعالى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48] يقول المفسّر في هذا الصّدد: " .. والآية دليل لنا وللمعتزلة على أن لا شفاعة لأهل الكبائر لأن الآية ولو كانت في المشركين لكنّها في وصف يوم من شأنه أنه لا شفاعة فيه بدفع العذاب عن مستحقّه، ولا مقام أو زمان من مقامات الموقف وأزمنته نصّ على ثبوتها للفسّاق ولا لشخص مُصّر".
وينتهج نفس الأسلوب لإثبات رأي الأباضية في نفي المغفرة للموحّد المُصّر على المعصية في قوله تعالى: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيرًا} [الأنعام: 158] يقول المفسّر: "وفي الآية دليل لنا وللمعتزلة على أن التوحيد المقرون بالمعصية المصّر عليها لا ينفع .. " إلى أن يقول: "وهو مذهب المحدِّثين من قومنا أيضًا".
ومن دعم رأي مذهبه بذكر عالم من مذهب آخر يوافق المذهب الأباضيّ في مسألة قوله في صفات الله: " .. قال ابن العربي الأندلسيّ المالكي ما بين من يقول صفاته غيره ومن يقول أنّ الله فقير إلا تحسين العبارة".
نجد المفسّر يؤول كل آية يفهم منها التّشبيه، ويحملها على المعنى المجازيّ فمثلًا في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [الرعد: 2] يردّ على قول مجاهد وعكرمة الذين نفيا الصّفة وأثبتا العمد التي: "لا ترى وهي جيل فإن محيط بالدّنيا بعد المحيط من زمرد أخضر إذ تبقى السماوات أو يدعى أن أطرأ فهنّ كلّهن على جبل قاف ولا ندري أصح أم لا والصّواب أن العمد فرض ثبوتها هي القدرة، والقدرة لا ترى وإنّما يرى أثرها فالعمد هي قدرة الله عزَّ وجلَّ وهي واحدة ذاتية أما جمعها فتمثيل أو باعتبار تعدّد متعلّقاتها".
ومن هذا المثال نستنتج أن المفسِّر يدافع عن آراء مذهبه ولا غرو في ذلك ما دام يعتبرها هي الصحيحة، والصواب، وهذا ديدن كل مفسِّر وبل كل معتنق لمذهب أو فكرة، ومن هنا نحكم أن تفسيره هذا يمثل تمثيلًا صحيحًا وجهة نظر المذهب الأباضي، وخاصة في ما يسمّى بالأصول أو مسائل العقيدة، وممّا يلاحظ اقتصاره -أحيانًا- على عرض رأي مذهبه دون الرَّد على مخالفيه وعلى سبيل المثال في قوله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إلا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] يسرد رأيه في الشفاعة وهو رأي الأباضية قاتلًا: "أي ارتضاه الله عزّ وجلّ أن يشفعوا له وهو من يقول لا إله إلا الله وأتبعه بالعمل الصالح ومات على غير كبيرة وشفاعتهم الاستغفار في الدنيا ويوم القيامة .. ".
ولم يقتصر المفسِّر على تبيان وجهة نظر مذهبه في المسائل العقائدية بل تناول -أيضًا- بالبحث المسائل الشرعية الأخرى غير أنه كان في هذه المسائل أكثر تفتّحًا وتحررًا باعتبارها مسائل فرعيّة، ولكن هذا لم يمنعه من تأييد آراء مذهبه وبيان حججه فلاحظه مثلًا كيف ينتقد في البداية حجّة المذهب في تحريم المسّ قبل الإطعام في الظّهار" .. قال الله تعالى في العتق والصّوم من قبل أن يتماسًا، ولم يقله في الإطعام فقيل المراد فيه أيضًا من قبل أن يتماسًا حملًا للمطلق على المقيّد وذلك مذهبنا، وعندي أن الحمل على المقيد يكون إذا كان الإطلاق والتقييد في مسألة واحدة نحو أطعم أهلك براحتيّ يشبعوا أطعمهم بُرًّا صبحًا، وقيل يجوز المسّ قبل الإطعام إذ لم يقيّد "ثم يعود لتأييد رأي مذهبه بقوله: "والأول قولنا وهو أحوط ونسب الثاني لمالك".
وفي صفحة (219) قال: "وأحيانًا يكون انتقاده عنيفًا يتمّ عن إيمان المفسِّر بمسائل الأباضية الأصولية واعتقاده بصحتها ونظرته هذه نابعة -أيضًا- من إيمانه أن الحقّ في الأصول مع واحد وغيره مخطئ بينما الحقّ في الفروع مع واحد فقط، وقد يخطئ الباقون ولا إثم على المخطئ، وهو رأي المذهب الأباضي في هذه القضية، ولا عجب -إذن- إذا وجدناه ينتقد آراء غيره في الأصول ويخطئها، ويدعو إلى اعتقاد آراء مذهبه، ولذلك نجده يستنكر الخلاف في الأصول قائلًا: "في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 105] "وكالقائلين في هذه الأمة الأجابيّة بما لا يجوز الخلاف في نفيه كرؤية البارئ، وكون صفات غيره، وإثبات الجوارح بلا كيف" ولكنّه يجيز الخلاف في الفروع ويتجلّى ذلك في قوله: " .. وأما الاختلاف فيما يجوز فيه من الفروع للمجتهدين من الصحابة ومن بعدهم فلا بأس به بل هو رحمة" ولكننا لا نجد تفسيرًا لقوله: "وقومنا يفسدون جمعتهم برفع الأيدي وأخذ الأيمن على الشمال لأحاديث وضعها أوائلهم أو غيرهم وهب أنّها صحت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن ذلك لداع مثل أن يقع صلاح من تأبطة للشر، وهل صحّ أنه أدام - صلى الله عليه وسلم - ذلك كما يدعيه هؤلاء، ولو أدامه لشهر ولم يختلف فيه وكذا يفسدون سائر صلواتهم".
فإذا أجاز المفسر -كما رأينا سابقًا- الاختلاف في الفروع فلا يمكن الحكم على فساد الصلاة برفع الأيدي والقبض اللهم إلا إذا تحقق عدم صحّة الأحاديث الواردة في الموضوع ويتطلب ذلك دراسة تسلّط على هذه الأحاديث مقاييس التحقيق لمعرفة مدى صحتها أو ضعفها، وربما حكمه هذا صادر على استنكاره لذلك لا غير فلعلّ أقصى حكم أصدره في حق مخالفي المذهب الأباضي كان في قوله تعالى: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55] والأية دليل على كفر مجيز الرؤلة دنيا وأخرى، وذلك لأن إجازتها ولو في القلب إجازة لتكييفه، وتكييفه ممتنع لأن فيه تشبيه، وإدراكه بالقلب تكييف لا يتصور بدونه فلا يصحّ قولهم بلا كيف وتكييفه في القلب بلا تقدير أن يكيفه لغيره هو من نفس المحذور" ويرى في موضع آخر ردًّا على من يفسّر الآية الكريمة {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: 3] على ظاهرها، مع القول بلا كيف فإنه دخول في الظلمة بعد وجود النور ويمضي في تفنيد هذا الاعتقاد، وإثبات عدم إمكانية ذلك وقد تعرّض لهذه المسألة في سورة الأعراف بتفصيل أكثر ومما ورد فيها قوله: آرائهم وحججهم ثم يتصدَّى للرّد عنها، وتفنيدها لاحظ ذلك مثلًا في تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} [النجم: 18] فنجده يسرد أحاديث رواها السيوطي عن الرؤية ثم يناقشها محاولًا تفسيرها بنفي الرؤية، أو يتحمل وضعها وينهي ردّة بقوله: " .. وحجج إثبات الرؤية والتأويل إليها، وحجج خلق الفاعل فعله، وحججه المجبرة واهية متكلفات كما هو شأن العاجز، شبيهة بتعمد العناد"، ثم يذكر ما روي عن أحمد بن حنبل: "أنه سئل عن الرؤية قال: "رآه رآه رآه حتى ينقطع نفسه عنادًا وعجزًا وذلك ليلة الإسراء أو قال: يرا، يرا يراه، وذلك في السنّة".
ويسوق في كثير من الحالات حججهم وردودهم بغية تفنيدها: انظر في المثال التالي كيف يسفّه هذه الحجج بقوله: " .. ولقومنا هذا تخاليط تؤدي إلى التشبيه يردّها المبتدئ المعتقد، أنه لا يشبه شيء ولا يشبه شيئًا فيفتضحون ويقولون بلا كيف كقولهم ناداه بكلامه القديم الذي لا صوت فيه، وقولهم بالتخلي له بما شاء حتى سمع كلامه بصوت، ومن وجبت مخالفته للحوادث سبحانه وتعالى وجب أن لا تحسّه الحوادث بأُدُن ولا عين ولا بغيرها وإلا ناقض المخالفة".
وفي بعض المواضيع يقتصر على سرد آرائهم دون التّعليق عليها لاحظ ذلك في هذا المثال الذي تعرض فيه لقضيّة مرتكبَ الكبائر، فبعد استعراضه لرأي الأباضية في القضية يقول: " .. والأشاعرة أجازوا العفو عن الكبائر غير الشّرك بلا توبة ومنها الإصرار على الصغائر وهذا تفسير لما قبله أو يراد بما قبله الكبائر وبهذا الصغائر"، وذلك في معرض تفسير قوله تعالى: {وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25].
ومما تقدّم نستتتج أن المفسّر يفنِّد آراء الأشاعرة المخالفة لمذهبه في الأصول، ويحكم عليها بالبطلان محاولًا ردها وإبطالها، مع إحتمال وضع الأحاديث المعتمدة أو تأويلها بما يتّفق مع أساليبها، وكان ردّه كما سبق ذكره عنيفًا وشديدًا أحيانًا يدل على استنكاره لهذه الآراء والتي يراها مخالفة للصواب، وعلى اعتقاده الجازم بصحة آراء مذهبه".
وقال في صفحة (222): "وإذا وجد اتفاقًا في مسألة بين الأباضية وأحد هذه المذاهب ذكرهما معًا مثلما فعل في تفسير قوله تعالى: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31]، حيث يذكر اتفاق الأباضية ومالك بن أنس في اعتقادهها أن لا دار للمكلف بعد البعث إلا الجنة والنار، والجنُّ يثاب أو يعذب كالإنسان ولا فرق بينهما. كما يذكر مثل هذا الاتفاق مع المعتقدات الأشعرية ونجد مثالًا لذلك في تفسير قوله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] إذ يقول: "والآية دليل على أن حجة الله على عباده الكتب والرسل والعقل، وهذا مذهبنا ومذهب الأشاعرة" أ. هـ.
* قلت: وقال في كتابه هميان الزاد: (ومعنى استوائه تعالى: إلى السماء قصده إليها وتوجيه الإرادة إليها بأن يخلقها. يقال استوى زيد إلى كذا كالسهم المرسل إذا قصده من غير أن يميل إلى غيره. فكذا خلق ما في الأرض وخلق بعده السماوات بلا خلق شيء بين خلقهن، وخلق ما في الأرض. ووزن استوى: افتعل بمعنى تكلف السواء وهو أصل معناه. وأطلق في اللغة على الاعتدال: تسوية وضع الأجزاء، تقول: استوى زيد على الأرض، أي جلس عليها جلوسًا مستوية إليه أعضاؤه التي جلس بها معتدلًا.
ولا يصح حمل الآية على ذلك، لأنه من خواص الجسم والله -جلّ وعلا- ليس جسمًا ولا عرضًا. ولو كانت الآية على هذا المعنى لقال: ثم استوى في السماء أو على السماء، لا استوى إلى السماء، لكن الله -جل وعلا- لا يوصف بهذا المعنى، لو قال في السماء أو على السماء لكان مؤولًا بالقهر والغلبة. ويجوز تأويل الآية بهما، لكن تأويلهما بالقصد والإرادة أولى، لأنه أقرب إلى أصل الاستواء وهو تكلف السواء، ولتعديته بإلى وللتسوية المرتبة عليه بالفاء. وعن ابن عباس: استوى إلى السماء ارتفع إليها، وفي رواية صعد. والمراد: ارتفاع أمره أو صعد أمره أو ارتفع إليها، وصعد بقصد وإرادة. قال الطبري: على أمره وقدرته وسلطانه. وقال ابن كيسان: قصد إلى السماء أي بخلقه واختراعه، وذلك لأنه تعالى منزه عن الانتقال والحلول).
وقال في الجزء الثالث صفحة (36 - 37): " {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}: روي أن أعرابيًّا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فنزلت الآية. وظاهر هذا أن المراد: إذا سألك عبادي عن قربي إليهم، أو بعدي. وقيل: إن الصحابة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أي ساعة ندعو ربنا؟ فنزلت الآية. وظاهر هذا أن المراد إذا سألك عبادي: أيّ وقت أقرب للإجابة. وقيل: إن بعض الصحابة الحديثي العهد بالإيمان: قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين ربنا؟ فنزلت الآية. والمعنى وإذا سألك عبادي عن مكاني، فإن متعال عن المكان متنزه عنه، ولكني قريب إلى كل شيء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال يهود المدينة: يا محمد كيف سمع ربنا دعاءنا وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وأن غلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت الآية. والروايتان السابقتان أولى، لأن إضافة العباد إلى نفسه مع قوله: {إِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ} الآية. تدل على اللطف والرحمة، ولا يناسبها هؤلاء الكفرة المغضوب عليهم.
ثم يقول: "وإن قلت: ما معنى قربه تعالى؟ قلت: ذلك كناية أريد فيها لازم المعنى، ومحال إرادة المعنى، لأنه تعالى لا يوصف بالحلول ولا بالاحتواء، ولا بالتحيز والقرب الحقيقي متضمن لذلك كله، فليس مرادًا، لكن المراد لازمه في الجملة، وهو العلم بحال العبد، وقوله وفعله. وإن شئت فمجاز مرسل، عبر بالقرب وأراد لازمه ومسببه وهما العلم بالمقروب إليه، فإن شئت فاستعارة تمثيلية تبعية شبه كمال علمه بحال العبد، وقوله وفعله بحال من قرب مكانه من شيء، فعلم به وما يتصف به".
ويذكر في ص (160) في معنى إتيان الله سبحانه وتعالى: {إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ}: على حذف مضاف أي أمر لله، بدليل قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} أو بأس الله كقوله سبحانه: {جَاءَهُمْ بَأْسُنَا}، أو على حذف المتعلق، أي إلا أن يأتيهم الله بأمره، كما ورد ما يقرب منه في آية أخرى، أو ببأسه كما يدل له: {عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فإن العزة في حكمه تناسب البأس الذي لا يطاق، وهي صفة قهر، والعزة بلا حكمة قد تضع حيالها وعدتها، وهذا في الجملة، والله منزه عن الحيلة، وهذه الباء المقدرة للتعدية كهمزة التصيير، أي إلا أن يصير الله أمره أو بأسه آتيًا، والمعنى في ذلك كله واحد، ولا بد من المصير إليه، لأن الله تعالى منزه عن الحركة والسكون، لأنهما يستلزمان الحد والتحيز والجهات والتركب والعجز والحدوث وغير ذلك من صفات الخلق، هذا مذهبنا ومذهب المعتزلة والمحققين من الشافعية كالقاضي، وفي سبيل ذلك أن نقدر أن يأتيهم قهر الله أو عذابه، فإن ذلك من أمره، أو نجعل في بمعنى الباء، أي أن يأتيهم الله بظلل من الغمام، أي أن يصير الله ظلل الغمام آتية إياهم.
والحاصل أن مذهبنا ومذهب هؤلاء: تأويل الآية عن ظاهرها إلى ما يجوز وصف الله به، وذلك مذهب المتكلمين، وحكمة حذف المضاف أو ذلك المتعلق: التهويل عليهم، إذ لو ذكرك أن أسهل عليهم ألا تراهم لتكذيبهم يقولون: {فاتنا بعذاب أليم}، {فَأَمْطِرْ عَلَينَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَو ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ونحو ذلك، وحكمة إتيان العذاب في الغمام، والإتيان بالغمام للعذاب، أن الغمام مظنة العذاب، ومنه ينزل المطر، وإذا جاء العذاب من حيث لا يتوقع لا يسمى من حيث ترخى المنفعة كان أعظم على النفس لبعده عن وهمها، ولذلك اشتد على المتفكرين في كتاب الله عزَّ وجلَّ قوله: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، وزعم الكلبي وسفيان بن عيينة في ذلك ومثله أنه لا يفسر، بل يوكل إلى الله، وقال الزهري والأوزاعي، ومالك، وابن المبارك، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه: يقرأ ويفسر على ظاهره، بلا كيف ولا تشبيه حتى قال قائلهم:
عقدتنا أن ليس مثل صفاته ... ولا ذاته شيء عقيدة صائب
نسلم آيات الصفات بأسرها ... وإخبارها للظاهر المتقارب
ونويس عنها كنه فهم عقولنا ... وتأويلنا فعل اللبيب المغالب
ونركب للتسليم سفنا فإنها ... لتسليم دين المرء خير المراكب
وكلا القولين خطأ أما قول الكلبي وابن عيينة فلأنه جمود عن الحق مع ظهوره. لأنا إذا أولناه بما ذكرنا فقد وافقنا سائر الآيات والأحاديث الناهية عن التشبيه، ومعنى ذلك التأويل في نفسه مجمع عليه لا مخالف في ذاته، وإنما خالف من خالف في تأويل الآية به، وإذا كان ذلك المعنى مجمعًا عليه فأي مانع من تفسير الآية به، وأما قول الزهريّ ومن معه فلزم عليه إذ فسره بظاهره الوقوع فيما فروا منه من التشبيه، ولم يغن عنهم قولهم بلا تكييف ولا تشبيه، وزعم الطبري - قبّحه الله (1) - بسنده المتصل عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من الغمام طاقات يأتي الله -عزَّ وجلَّ- فيها محفوفًا، وذلك {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} ".
ويذكر في ص (356) في معنى الكرسي: " {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}: هو جسم عظيم محيط بالسماوات والأرض أمام العرش، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ما السماوات السبع والأرضون السبع مع الكرسي إلا كحلقة في فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة" ومعنى إحاطته بالسماوات والأرض أنه أوسع منهن، فإنه أمام العرش دون العرش فوق السماوات السبع، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس"، رواه ابن عباس، وذكروا أن كل قائمة من قوائم الكرسي طولها مثل السماوات والأرض، وأن الكرسي تحملُه أربعة أملاك، لكل ملك أربعة أوجه وأقدامهم على الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى، ملك على صورة آدم يسأل الرزق والمطر لبني آدم من السنة إلى السنة، وملك على صورة الثور يسأل الرزق للأنعام من السنة إلى السنة، وملك على صورة الأسد يسأل الرزق للوحوش من السنة إلى السنة، وملك على صورة النسر، وهو يسأل الرزق للطير من السنة إلى السنة، وأن بين حملة الكرسي وحملة العرش سبعين حجابًا من ظُلمة، وسبعين حجابًا من نور، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، ولولا ذلك لاحترقت حملة الكرسي من نور حملة العرش، وقال السدي: الكرسي تحت الأرض، والصحيح الأول وعليه فقيل يمكن أن يكون هو فلك البروج. وقال الحسن: الكرسي هو العرش، لأن السرير يوصف بأنه عرش، وبأنه كرسي، لأن كلا منهما يتمكن عليه المخلوق ولا يوصف الله بالقعود ولا بالقيام ولا بالتحيز، ولكن العرش والكرسي خلقان من مخلوقاته، كما خلق السماوات والأرض لحكمة، والكرسي في الأصل اسم لما يقعد عليه الإنسان ولا يفضل عن مقعدته، وكأنه منسوب في الأصل إلى الكرسي بكسر الكاف، وهو الأبوال والأبعار المتلبد بعضها على بعض، وقد قيل: إن كراسة الكتاب سميت لتركب بعض أوراقها على بعض، وقال ابن عباس: كرسيه تعالى علمه، كما يطلق على كرسي العالم على علمه تسمية لصفة العالم باسم مكانه الذي هو الكرسي، أو تشبيها للعلم بالكرسي، من حيث إن كل واحد منهما أمر يعتمد عليه، وقيل كرسيه ملكه، لأن الملك يجلس على الكرسي، فيسمى الملك بالضم باسم مكان الملك بفتحها، لأن الكرسي محل الملك، فيكون محلًا لملكه، وفي الميم قبل الكرسي هو الاسم الأعظم، لأن العالم يعتمد عليه، وقد قيل: وقد سميت كراسة الكتاب لما فيها من العلم، وهذا يناسب القول الأخير والقول بأن كرسيه علمه، وقيل قوله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} تمثيل لعظمته تعالى، وليس المراد الجسم المذكور في الأحاديث، وفيه خروج عن الظاهر، ووجهه أنه تعالى خاطب الخلق بما يعرفون في ملوكهم، كما جعل الكعبة بيتًا يطوف الناس حوله، كما يطوف بيوت ملوكهم، وأمر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم، وذكروا أن الحجر الأسود يمين الله في أرضه، جعله موضعًا للتقبيل، كما تقبل الناس أيدي عظمائهم، وكما أثبت الميزان بمعنى تجويد الحساب وإتقانه، فكذلك أثبت العرش والكرسي" أ. هـ.
قلت: وبذلك عزيزي القارئ تتبين لك عقيدته الأباضية، ويتبين لك مدى تعصبه لها، ونبزه لمن خالفه.
وفاته: سنة (1332 هـ) اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف.
من مصنفاته: "تيسير التفسير" سبعة أجزاء، و "هميان الزاد إلى دار المعاد" أربعة عشر جزءًا في التفسير.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
17 سبتمبر 2023
تعليقات (0)