المنشورات
مَرْعي الكَرْمي
النّحوي، المفسر: مرعي بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد، الكرمي المقدسي، الحنبلي.
من مشايخه: محمّد المرداوي، والقاضي يَحْيَى الحجاوي، وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* خلاصة الأثر: "أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر، كان إمامًا محدّثًا فقيهًا ذا إطلاع واسع على نقول الفقه، ودقائق الحديث، ومعرفة تامة بالعلوم المتداولة، وسلوك الطريقة في الجمع بين كلام أهل الشريعة والحقيقة، قطع زمانه بالإفتاء والتدريس والتحقيق والتصنيف، سارت تآليفه الركبان، ومع كثرة أضداده وأعدائه ما أمكن أن يطعن فيه أحد، ولا أن ينظر بعين الإزدراء إليها" أ. هـ.
* السحب الوابلة: "العالم، العلامة، البحر الفهامة، المدقق المحقق، المفسر المحدث، الفقيه الأصولي النّحوي، أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر ... " أ. هـ.
وقال المحقق في هامش السحب الوابلة: "من كبار أئمة المذهب المحقّقين، أسهم في التأليف والتعليم معًا، فكان من تلامذته كبار علماء المذهب من مصر والشام ونجد، ومؤلفاته شغلت الطلبة، ... فيعتبر الشَّيخ مرعي مدرسة في المذهب" أ. هـ.
* الأعلام: "مؤرخ، أديب، من كبار الفقهاء، ولد في طور كرم، فانتقل إلى القدس، ثم إلى القاهرة فتوفي بها، له نحو سبعين كتابًا" أ. هـ.
* قلت: قال شعيب الأرناؤوط في مقدمته لكتاب "تأويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات" لمرعي الكرمي، يتكلم في عقيدته، وتأويله للصفات على ما قاله السلف -كما في مقدمته- حيث قال: "تناول صفات الله الذاتية والفعلية صفة صفة بالتفسير والبيان والشرح، ونقل أقاويل أهل العلم والعرفان، وعرض حججهم وناقشها، وبيّن ما هو الصواب منها.
وإنني لعلى يقين أن قارئ هذا الكتاب قراءة متأنية واعية سيمتلئ قلبه وعقله قناعةً بمذهب السلف في الصفات، وأنَّه أمثل المناهج وأقومها وأهداها. وسيرفض عن رضىً وقناعةٍ ما هو مسطور في كتب المتأخرين من أن مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أحكم وأعلم، وسينطق بملء فيه: إن هذه المقولة مجانبة للصواب، مخالفة لهدي السنة والكتاب، وإن الجملة الصحيحة التي يعتمدها صاحب القريحة الممارس لسنة النَّبيِّ الكريم، وكتاب الله العليم هو أن السلف أعلم وأحكم وأسلم".
ثم قال شعيب الأرناؤط: "وكان الشَّيخ في الاعتقاد والأصول على مذهب السلف الصالح -رضوان الله عليهم- من التسليم المطلق للنصوص، وعدم تأويلها وصرفها عن ظاهرها كما يظهر جليًا في كتابه الذي بين يديك" (1).
قلت: هذا ما قاله شعيب في معتقد كرمي الحنبلي، ولكن تقول هناك نقولًا تخالف نقاوة سلفية صاحب الترجمة، قال صاحب كتاب "مذهب أهل التفويض" تعليقًا على ما ذكره الكرمي في كتابه "أقاويل الثقات .. " من قوله: "فمذهب السلف أسلم، ودع ما قيل من أن مذهب الخلف أعلم، فإنَّه من زخرف الأقاويل، وتحسين الأباطيل، فإن أولئك قد شاهدوا الرسول والتنزيل، وهم أدرى بما نزل به الأمين جبريل، ومع ذلك فلم يكونوا يخوضون في حقيقة الذّات، ولا في معاني الأسماء والصفات، ويؤمنون بمتشابه القرآن، وينكرون على من يبحث ذلك من فلانة وفلان" (2).
قال صاحب "مذهب أهل التأويل": "والاعتراض هنا على قوله: (ولا في معاني الأسماء والصفات)، فإنَّه لا يخلو من حالين:
1 - إن أراد المعاني الحقيقية التي دلت عليها الألفاظ من حيث الوضع في اللُّغة العربية، فمنع ذلك باطل وهو عين التجهيل.
2 - وإن أراد المعاني المزعومة تحت ستار "التأويل" فالصحابة -رضوان الله عليهم- أبعد النَّاس عن القول على الله بلا علم، فمراده صحيح لكن المقام يقتضي ذكر طريقتهم في الإثبات، ولا يكتفى بالقول بأنهم لا يحرفون وحسب.
ومع ذلك فقد بنى المؤلف كتابه على سرد أقوال أهل التأويل المذموم، مما يشعر -مع أدلة أخرى آتية- بأنه يعتقد أن السلف على تفويض المعنى فقال: (هذا وقد أحببت أن أذكر بعض كلام الأئمة الخائضين في معاني الأسماء والصفات الواردة في الأحاديث والآيات. وإن كان أولى ترك ذلك خوف الوقوع في الزلل الذميم، لكن لا بأس بذلك مع قصد الإرشاد والتعليم) (1). وهذا كلام ينقض أوله آخره، ولعمر الله، لو فقه المؤولة والمفوضة مذهب السلف، لاستغنوا به عما ذهبوا إليه، وغامروا فيه.
وقال أيضًا: (واختلفوا: هل يجوز الخوض في المتشابه؟ على قولين:
- مذهب السلف: -وإليه ذهب الحنابلة وكثير من المحقّقين- عدم الخوض، خصوصًا في مسائل الأسماء والصفات، فإنَّه ظن والظن يخطئ ويصيب، فيكون من باب القول على الله بلا علم، وهو محظور، ويمتنعون من التعيين خشية الإلحاد في الأسماء والصفات ولهذا قالوا: والسؤال عنه بدعة، فإنَّه لم يعهد من الصّحابة التصرف في أسمائه -تعالى- وصفاته بالظنون، وحيث عملوا بالظنون (2)، فإنما عملوا بها في تفاصيل الأحكام الشرعيّة، لا في المعتقدات الإيمانية) (3).
صور -عفا الله عنه - مذهب السلف أنَّه لا يقوم على إيمان بمعان معلومة، وإنَّما حظهم من المعاني الكف عن تعيينها. وقد أصاب -رحمه الله- في كون السلف لم يتهوكوا في إفتراض المعاني الباطلة، لكنَّه أخطأ بنفي إثبات السلف للمعاني الحقيقية المبرأة من التمثيل بالمخلوقين. كما أخطأ في تسمية آيات الصفات "متشابهات"، إذ هي بلا ريب من المحكمات، وقد كرر وصفها بذلك في مواضع عدة من كتابه، ومن ذلك قوله: (إذا تقرر هذا فاعلم: أن من المتشابهات: آيات الصفات التي التأويل فيها بعيد، فلا تؤول ولا تفسر. وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها، وتفويض معناها المراد منها إلى الله -تعالى-، ولا نفسرها، ومع تنزيهنا له عن حقيقتها" (4).
ومن المعايير الكاشفة لاتجاه التأويل والتفويض، تفسير عبارات الإمام مالك في جوابه عمن سأل عن كيفية الاستواء، فيقول الشَّيخ مرعي -رحمه الله- في تفسير قوله: "الاستواء معلوم": (أي وصفه -تعالى- بأنه على العرش استوى معلومٌ بطريق القطع الثابت بالتواتر) (5). وإنما أراد مالك -رحمه الله- أنَّه معلوم المعنى في اللُّغة" أ. هـ.
من أقواله: السحب الوابلة: فمن شعره:
أشكوك للمصطفى زين الوجود ومن ... أرجوه ينقذني من هَجْرَ مَنْ هَجَرا
قلت: قال محققه في الهامش معلقًا على هذا البيت: "هذا فيه سوء أدب مع الني - صلى الله عليه وسلم -، وتعلق بغير الله، هذا إذا لم تكن من الغزل الصوفي المقيت، والشعر الإشاري (الرمزي)، وفيه من الانحراف ما لا يخفى" أ. هـ.
وفاته: سنة (1033 هـ) ثلاث وثلاثين وألف.
من مصنفاته: "الكلمات السنية" تفسير، و "دليل الطالبين لكلام النحويين" و"قلائد المرجان في الناسخ والمنسوخ من القرآن" وغير ذلك.
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
18 سبتمبر 2023
تعليقات (0)