المنشورات
المُنْتجِبْ
النحوي، اللغوي، المفسر المقرئ: المنتجب بن أبي العز بن رشيد الهمداني، أبو يوسف، منتجب الدين.
من مشايخه: ابن طبرزَد، والكندي، وأبو الجود وغيرهم.
من تلامذته: النظام التبريزي، والصائن الواسطي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
• معرفة القراء: "كان رأسًا في القراءات والعربية متواضعًا صوفيًا. . قال النظام التبريزي: قرأت بأربع روايات على المنتجب وكنت أقرأ عليه خفية من شيخنا علم الدين -أي السخاوي- وكان أصحاب شيخنا لا يجسرون أن يقرؤوا على المنتجب، فوشى بعض الطلبة إلى الشيخ علم الدين، فقال: هذا ما هو مثل غيره هذا يقرأ ويذهب وما يكثر فضولا ... " أ. هـ.
• السير: "شيخ القراء ... وشيخ القراءة بالزنجيلية" أ. هـ.
• غاية النهاية: "إمام كامل علامة" أ. هـ.
• طبقات المفسرين للداودي: "إمام كامل علامة ... " أ. هـ.
• قلت: علق الذهبي على هذه العبارة فقال: كان سوقه كاسدا مع وجود العلم السخاوي، انتهى نقلا عن الداودي.
• الأعلام: "عالم بالعربية والقراءات، اشتهر وتوفي بدمشق" أ. هـ.
• قلت: قال الدكتور فهمي حسن النمر في مقدمة تحقيقه لكتاب "الفريد في إعراب القرآن المجيد" صفحة (39) وتحت عنوان: مذهبه الفقهي: "كان المنتجب الهمذاني -رحمه الله- ينتمي إلى المذهب الشافعي -وهو مذهب الأيوبيين- وقد اختص بالقضاء، لأنه مذهب الدولة. وكان الفاطميون قبل ذلك قد أبطلوا العمل به.
والمتصفح لكتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد يستطيع أن يلمس وقوف المنتجب بحانب المذهب الشافعي، فنجده كثيرًا ما يأتي بالرأي التفسيري أو الفقهي ثم بعد ذلك ينص على أنه مذهب الإمام الشافعي، وهو لم يستدل بقول أحد من الأئمة الأربعة غير الشافعي".
ثم قال المحقق تحت عنوان: مذهبه الاعتقادي: "كان أهم ما اتصفت به الحياة الدينية في العصر الأيوبي هو القضاء على آثار المذهب الشيعي ودعم المذهب السني في أنحاء البلاد. ومؤلفنا -رحمه الله- كان ممن سار على هذا المنهج.
فنجده ينتصر للمذهب السني، ويدافع عنه، فتارة يصف مذهب المعتزلة بأنه ضلال، وأخرى يصفه بأنه مبني على المغالاة، وأحيانا يشير إلى من خالف أهل السنة بأنه مبتدع زنديق.
فعند إعراب قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
قال المنتجب في (ما) الأولى ثلاثة أوجه:
أحدهما: وهو الوجه وعليه الجمهور: أنها موصولة.
والثاني: بمعنى (من).
والثالث: بمعنى كيف، فيكون معمول (يشاء).
وفي الثانية: أيضًا- ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو المختار وعليه المشيخة من أهل السنة: أنها نافية، لأنها إذا كانت نافية دلت على أن جميع الأشياء بقدرة الله واختياره، وليس للعبد فيها شيء سوى اكتسابه بتقدير، وفي الحديث ما يعضد هذا قال عليه الصلاة والسلام.
(قدر الله المقادير وكتبها قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).
وفي رواية أخرى:
(فرغ الله من المقادير وأمر الدنيا قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).
ويقول عند قوله سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}: في (ما) أوجه: أن تكون مصدرية منصوبة المحل عطفًا على الكاف والميم في (خلقكم)، أي: والله خلقكم وعملكم.
وهذا وجه حسن لما فيه من الدليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى- خيرًا كانت أو شرًّا.
وأن تكون موصولة في موضع نصب أيضًا عطفًا على المذكور آنفًا على معنى والله خلقكم والذين تعملون منه الأصنام، يعني: الخشب والحجارة، وتبقى الأعمال والحركات غير داخلة في خلق الله -تعالى-.
وبهذا التأويل يصح أن تكون موصولة لا على أن تكون تعم جميع الأشياء كما ذهبت إليه المعتزلة الضلال.
وكفاك دليلًا قوله تعالى في الأنبياء {قَال بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} يعني الأصنام.
ويقول عند قوله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)}: والناضرة الأولى من نضرة النعيم، وهو الإشراق. . والثانية من نظر العين، و (إلى) من صلتها، أي تنظر إلى ربها خاصة نظر رؤية وعيان، لا تنظر إلى غيره.
ولهذا المعنى وهو الاختصاص قدم معمولها وهو (إلى ربها)، كما تقدم الخبر لذلك في نحو قوله -جل ذكره- {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}، و {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}.
وليس قول من قال: إن (ناظرة) بمعنى منتظرة - بمستقيم، لأن نظرت إذا كان بمعنى الإنظار لا يدخل عليها حرف الغاية، يقال: نظرت فلانًا، أي أنظرته، ولا يقال: نظرت إليه.
وقول من قال: وهو بعض غلاة المعتزلة (إلى) هنا اسم بمعنى النعمة وهو واحد آلاء، أي: منتظرة نعمة ربها، ليس بمستقيم أيضًا، لأن الله -تعالى- أخبر عن الوجوه أنها ناعمة، فدخل النعيم بها وظهرت إمارته عليها، فكيف ننظر إلى ما أخبر الله -جل ذكره- أنه حال فيها، إنما ينظر إلى الشيء الذي هو غير موجود.
والوجه هو الأول وعليه الجمهور، وهو أن المراد رؤية الله -جل ذكره- ومن اعتقد غير هذا فهو مبتدع زنديق.
ويقول عند قوله سبحانه: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}.
وقرئ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} بالتنوين، و (ما) على هذا لا يخلو أن تكون نافية، أو مصدرية، أو صلة، فلا يجوز أن تكون نافية على معنى ما خلق من شر لأمرين:
أحدهما: أن الله -تعالى- خالق كل شيء خيرًا كان أو شرا، وعليه الجمهور من العلماء وذلك حجة.
ومن أدلة انتساب المنتجب إلى مذهب أهل السنة:
أ- تمسكه بالإجماع:
وهو دعامة من دعائم أهل السنة في حين أن المعتزلة ينكرونه. وقد استدل به الهمذاني عند إعراب قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً} الآية.
قال: (إلا خطأ) فيه أوجه:
أحدها: أنه استثناء منقطع، ولا يجوز أن يكون متصلًا بإجماع من أهل هذه الصناعة، لأن في ذلك إباحة قتل الخطأ.
والخطأ لا يصح فيه الاباحة، كما لا يصح فيه النهي، لأنه مرفوع عن الأمة بإجماع الأمة بشهادة قوله - عليه السلام -:
"رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
وعند إعراب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} الآية.
قال المنتجب (برؤوسكم) الباء للإلصاق، والمراد إلصاق المسح بالرأس، وماسح بعضه أو كله ملصق للمسح برأسه.
والواجب منه ما يقع عليه اسم المسح بدليل ما روي أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على ناصيته (وهو مذهب الشافعي).
والناصية عند العرب مقدم شعر الرأس، فماسح أدنى جزء من مقدم رأسه مسح على ناصيته موافق لفعل رسول الله - عليه السلام -.
والحديث حجة على من خالفه في ذلك، وقدَّر الناصية بربع الرأس مستدلا بالحديث المذكور آنفا، وهو عليهما لما ذكرت من أن الناصية عند العرب مقدم شعر الرأس من غير تقييد ولا تقدير.
ولو حلف حالف ألا يضرب على ناصية فلان فضرب على أدنى جزء من مقدم رأسه لكان حانثًا بالإجماع، وذلك حجة.
وبعد. . . فقد ثبت لنا بالأدلة القاطعة أن "المنتجب الهمذاني" -رحمه الله- شافعي سني) أ. هـ.
• قلت: لقد نقلنا الكلام السابق في مذهب وعقيدة صاحب الترجمة (المنتجب) للفائدة، وعدم تكرار نقل ما قاله في تأويل الصفات على المعتزلة، وغير ذلك من كتابه المذكور. ولعدم معرفة المحققين السابقين لكتاب "الفريد في إعراب القرآن المجيد" للمنتجب لاعتقاده، وهذا مما يدل على الجهل الواضح في التفرقة عند البعض الكثير من أصحاب العلم الشرعي من جهة وأصحاب علم العربية والآداب والتاريخ وغيرهما من العلوم الأدبية والعلمية في وقتنا هذا من الجهة الأخرى، بين معتقد السلف أهل الكتاب والسنة، وبين اعتقاد الفرق الأخرى، الأشعرية أو الماتريدية أو الإباضية، وغيرهم من فرق المسلمين، فصاحب الترجمة: هو شافعي المذهب، نعم، ولكن هو أشعري المعتقد وما نقلاه المحققين من كتابة في الصفات كان واضحا، إلى ذكرهما: أنه كان في العصر الأيوبي الذي تميز بمعتقد الأشعرية، الذي قام فيه الأيوبيون بالقضاء على الفاطميين أصحاب المذهب الشيعي في مصر، بواسطة قضاة المسلمين وعلمائهم وخاصة الذين كانوا على مذهبهم ومعتقدهم المشهور في وقتهم، وصاحب الترجمة كان كذلك، شافعي، أشعري. . . والله أعلم.
وفاته: (643 هـ) ثلاث وأربعين وستمائة.
من مصنفاته: "الدرة الفريدة" وهي شرح الشاطبية، وشرح "المفصل" للزمخشري و"الفريد في إعراب القرآن المجيد".
مصادر و المراجع :
١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير
والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من
طرائفهم»
18 سبتمبر 2023
تعليقات (0)