المنشورات

وكيع

المفسر: وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي (2)، الأعور الكوفي، أبو سفيان.
ولد: سنة (129 هـ) تسع وعشرين ومائة.
من مشايخه: الأعمش، وهشام بن عروة، وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم.
من تلامذته: ابن المبارك وهو أكبر منه، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
* تاريخ الإسلام: "وكان رأسًا في العلم والعمل.
وكان أبوه الجرّاح بن مليح بن عديّ بن فرس بن جمجمة ناظرًا على بيت المال بالكوفة.
وقد أراد الرشيد أن يُولّي وكيعًا القضاء فامتنع.
قال يحيى بن يمان: لما مات الثَّوري، جلس وكيع موضعَه.
قال القعنبي: كنا عند حمّاد بن زيد، فلمَّا خرج وكيع قالوا: هذا راوية سُفيان.
فقال حمّاد: إن شئتم قلت: أرجح من سُفيان.
وعن يحيى عن أيوب المقابري قال: ورث وكيع من أمه مائة ألف درهم.
وقال الفضل بن محمّد الشعرانيّ: سمعت يحيى بن أكثم يقول: صحبت وكيعًا في الحضر والسَّفر، وكان يصوم الدَّهر، ويختم القرآن كل ليلة.
قال يحيى بن معين: وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه.
وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع.
وقال أحمد بن سهل بن بحر النيسابوري الحافظ: دخلت على أحمد بن حنبل بعد المحنة، فسمعته يقول: كان وكيع إمام المسلمين في وقته.
وروى نوح بن حبيب، عن عبد الرزاق قال: رأيت الثَّوري ومعمَرًا ومالكًا، فما رأت عيناي مثل وكيع قط.
وقال ابن معين: ما رأيت أفضل من وكيع. كان يحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويُفْتي بقول أبي حنيفة.
وكان يحيى القطان يُفتي بقول أبي حنيفة أيضًا.
وقال قتيبة: سمعت جريرًا يقول: جاءني ابن المبارك.
فقلت: مَن رجل الكوقة اليوم؟ فسكت عنّي ثم قال: رجل المصرين ابن الجراح، يعني وكيعًا.
قال سلم بن جُنَادة: جالستُ وكيعًا سبع سنين، فما رأيته بزق، ولا مسَّ حصاةً، ولا جلس مجلسًا فتحرك، ولا رأيته إلّا استقبل القِبلة، وما رأيته يحلف بالله.
وقد روى غير واحد أن وكيعًا كان يترخّص في شُرب النبيذ.
وقال إبراهيم بن شماس: لو تمنّيت كنت أتمنى عقل ابن المبارك وورعه، وزُهد فُضيل ورقّته، وعِبادة وكيع وحِفظه، وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حُسين الجُعفي.
قال أحمد بن حنبل: ما رأت عيني مثل وكيع قط. يحفظ الحديث، ويذاكر بالفقه، فيحسن مع ورع واجتهاد. ولا يتكلم في أحد.
وقال أحمد بن حنبل: عليكم بمُصَنفات وكيع.
وقال علي بن المديني: كان وكيع يَلْحَن، ولو حدَّثت عنه بألفاظه لكان عجبًا.
كان يقول: عن عَيثة.
وروى أبو هشام الرفاعي، وغيره، عن وكيع قال: من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر.
قال وكيع: الجهر بالبسملة بدعة. سمعها أبو سعيد الأشجّ منه.
وقال ابن سعد: كان وكيع ثقة مأمونًا رفيعًا كثير الحديث حُجة.
وقال يحيى بن أيوب العابد: حدثني صاحب لوكيع أن وكيعًا كان لا ينام حتى يقرأ ثلث القرآن، ثم يقوم في آخر الليل فيقرأ المفصَّل، يجلس فيأخذ في الاستغفار حتى يطلع الفجر.
وقال الفَسَوي: قد سُئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن فقال: عبد الرحمن يوافق أكثر خاصة في سفيان. وعبد الرحمن كان يسلم عليه السّلف ويجتنب المسكر، ولا يرى أن يزرع في أرض الفرات.
قال ابن معين: لقيت عند مروان بن معاوية لوحًا فيه: فلان رافضي، وفلان كذا، ووكيع رافضي، فقلت لمروان: وكيع خير منك. فبلغ وكيعًا ذلك، فقال: يحيى صاحبنا. وكان بعد ذلك يعرف لي ويُرحِّب.
عليّ بن خشرم: نا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي، أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، فأكب عليه فقبّله وقال: بأبي أنت وأمي، ما أطيب حياتك ومماتك.
ثم قال البهي: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - تُرك يومًا وليلة حتى ربَا بطنه، وانثنت خنصراه.
قال ابن خشرم: فلما حدّث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عُيينة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.
قال: ولم أكن سمعته، إلا أني أردت تخليص وكيع.
قال ابن خشرم: سمعته من وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجبت من جسارته.
وأخبرتُ أن وكيعًا احتجّ فقال: إن عِدّة من الصحابة منهم عمر قالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمت، فأحب الله أن يُريهم آية الموت.
رواها أحمد بن محمّد بن عليّ بن رَزين الباشانيّ، عن عليّ بن خشرم.
ورواها قُتيبة، عن وكيع.
وهذه هفوة من وكيع، كادت تذهب فيها نفسه.
فما له ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع؛ وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدّث بكل ما سمع".
ولولا أن الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصّة في تواريخهم لتركتها ولما ذكرتها، ولكن فيها عِبرة.
قال الفسوي في تاريخه: وفي هذه السنة حدّث وكيع بمكة عن إسماعيل، عن البهي، وذكر الحديث.
قال: فرُفِع إلى العثماني فحبسه، وعزم على قتله، ونُصِبت خشبته خارج الحرم وبلغ وكيعًا وهو محبوس.
قال الحارث بن صدّيق: فدخلت عليه لمّا بلغني، وقد سبق إليه الخبر.
قال: وكان بينه وبين سُفيان بن عُيينة يومئذ تَبَاعُد فقال: ما أرانا إلّا قد اضطررنا إلى هذا الرجل واحتجْنا إليه، يعني سفيان.
فقلت: دعْ هذا عنك، فإن لم يُدرك قُتلت.
فأرسل إليه وفزع إليه. فدخل سفيان على العثماني فكلّمه فيه.
والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إنّي لك ناصح. إنّ هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم.
قال: فعمل فيه كلام سفيان، وأمر بإطلاقه. فرجعت إلى وكيع فأخبرته. وأُخرج، فركب حمارًا، وحملناه ومتاعه، فسافر.
فدخلت على العثماني من الغد وقلت: الحمد لله الذي نُبْلَ بهذا الرجل، وسلّمك الله.
قال: يا حارث ما ندمت على شيء ندامتي على تَخْلِيته. خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حوّلت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابًا يُثبتون، لم يتغيّر منهم شيء.
قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول: كنّا بالمدينة، فكتب أهل مكة، إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدِم عليكم فلا تتّكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.
قال: ففرضوا عليّ ذلك، وبلغنا الذي هم عليه. فبعثنا بريدًا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي عن طريق الرَّبذَة وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد ردَّ ومضى إلى الكوفة.
وقد ساق ابن عَدي هذه الواقعة في ترجمة عبد المجيد بن أبي روّاد، ونقل أنه هو الذي أفتى بقتل وكيع.
وقال: أخبرنا محمّد بن عيسى المَرْوَزي فيما كتب إليّ، ثنا أبو عيسى محمد، نا العباس بن مصعب، نا قتيبة، نا وكيع، نا ابن أبي خالد، فساق الحديث.
ثم قال قتيبة: حدّث وكيع بهذا سنة حجّ الرشيد، فقدّموه إليه، فدعا الرشيد سُفيان بن عيينة وعبد المجيد، فأما عبد المجيد فإنه قال: يجب أن يُقتل، فإنه لم يرو هذا إلا من في قلبه غشٌّ للنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال سفيان: لا قتْلَ عليه، رجلٌ سمع حديثًا فرواه. المدينة شديدة الحر. تُوُفي النبي - صلى الله عليه وسلم - فَتُرِكَ ليلتين، لأن القوم كانوا في إصلاح أمر الأمة. واختلفت قريش والأنصار، فمن ذلك تغيَّر.
قال قُتَيبة: فكان وكيع إذا ذكَر فِعل عبد المجيد قال: ذاك جاهلٌ سمع حديثًا لم يعرف وجهه، فتكلَّم بما تكلَّم" أ. هـ.
* تقريب التهذيب: "ثقة حافظ عابد" أ. هـ.
من أقواله: تاريخ الإسلام: "قال إسحاق بن بهلول الحافظ: قدم علينا وكيع، يعني الأنبار، فنزل المسجد على الفُرات. فصِرت إليه لأسمع منه. فطلب مني نبيذًا، فجئته به، فأقبل يشرب وأنا أقرأ عليه. فلمَّا نفذ أطفأ السِّراج، فقلتُ: ما هذا؟
قال: لو زدتنا لزدناك! .
وقال أبو سعيد الأشج: كنّا عند وكيع، فجاءه رجل يدعوه، إلى عُرْسٍ فقال: أثمَّ نبيذ؟ قال: لا! قال: لا نحضرُ عرسًا ليس فيه نبيذ.
قال: فإني آتيكم به، فقام.
قال ابن معين: سأل رجل وكيعًا أنه شرب نبيذًا، فرأى في النوم كأن رجلًا يقول له: إنك شربت خمرًا. فقال وكيع: ذاك الشيطان.
وقال نعيم بن حمّاد: سمعتُ وكيعًا يقول: هو عندي أحلى من ماء الفرات.
ويُروى عن وكيع أن رجلًا أغلظ له، فدخل بيتًا فعفّر وجهه ثم خرج إلى الرجل وقال: زد وكيعًا بذنبه. فلولاه ما سُلطت عليه.
قال أبو هشام الرفاعي: سمعتُ وكيعًا يقول: من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه محدث، ومن زعم أن القرآن محدَث فقد كفر.
فيقول: احتج بعض المبتدعة بقول الله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، وبقوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.
وهذا قال فيه علماء السلف معنا، وأنه أحدث إنزاله إلينا، وكذا في الحديث الصحيح: "إن الله يُحدث من أمره ما شاء وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصلاة". فالقرآن العظيم كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق" أ. هـ.
وفاته: سنة (197 هـ) سبع وتسعين ومائة.
من مصنفاته: "تفسير القرآن"، و"السنن"، و"المعرفة والتاريخ".






مصادر و المراجع :

١- الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة «من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید