المنشورات
(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَكَادُ) : فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى مُقَارَبَةِ وُقُوعِ الْفِعْلِ بَعْدَهَا ; وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَيْهِ أَنْ ; لِأَنَّ أَنْ تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَعَيْنُهَا وَاوٌ، وَالْأَصْلُ يَكْوَدُ، مِثْلُ خَافَ يَخَافُ، وَقَدْ سُمِعَ فِيهِ كُدْتُ، بِضَمِّ الْكَافِ، وَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا حَرْفُ نَفْيٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي بَعْدَهَا وَقَعَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَرْفَ نَفْيٍ لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ بَعْدَهَا وَاقِعًا وَلَكِنَّهُ قَارَبَ الْوُقُوعَ.
وَمَوْضِعُ (يَخْطَفُ) نَصْبٌ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَادَ، وَالْمَعْنَى قَارَبَ الْبَرْقُ خَطْفَ الْأَبْصَارِ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى فَتْحِ الْيَاءِ وَالطَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ، وَمَاضِيهِ خَطِفَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ) [الصَّافَّاتِ: 10] وَفِيهِ قِرَاءَاتٌ شَاذَّةٌ: إِحْدَاهَا: كَسْرُ الطَّاءِ عَلَى أَنَّ مَاضِيَهُ خَطَفَ بِفَتْحِ الطَّاءِ. وَالثَّانِيَةُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْخَاءِ وَالطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَالْأَصْلُ:
يَخْتَطِفُ، فَأُبْدِلَ مِنَ التَّاءِ طَاءٌ، وَحُرِّكَتْ بِحَرَكَةِ التَّاءِ، وَالثَّالِثَةُ: كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا بِكَسْرِ الطَّاءِ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْأَقَلِّ. وَالرَّابِعَةُ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهَا بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْضًا عَلَى الْإِتْبَاعِ.
وَالْخَامِسَةُ: بِكَسْرِ الْيَاءِ أَيْضًا إِتْبَاعًا أَيْضًا. وَالسَّادِسَةُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ; لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ. (كُلَّمَا) : هِيَ هُنَا ظَرْفٌ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَوْضِعٍ كَانَ لَهَا جَوَابٌ.
وَ ((مَا)) مَصْدَرِيَّةٌ ; وَالزَّمَانُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ كُلُّ وَقْتِ إِضَاءَةٍ.
وَقِيلَ ((مَا)) هُنَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَمَعْنَاهَا الْوَقْتُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ كُلَّ وَقْتٍ أَضَاءَ لَهُمْ فِيهِ، وَالْعَامِلُ فِي كُلٍّ جَوَابُهَا. وَ (فِيهِ) : أَيْ فِي ضَوْئِهِ. وَالْمَعْنَى بِضَوْئِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا عَلَى أَصْلِهَا.
وَالْمَعْنَى: إِنَّهُمْ يُحِيطُ بِهِمُ الضَّوْءُ.
(شَاءَ) : أَلِفُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ ; لِقَوْلِهِمْ فِي مَصْدَرِهِ: شِئْتُ شَيْئًا، وَقَالُوا شَيَّأْتُهُ ; أَيْ حَمَلْتُهُ عَلَى أَنْ يَشَاءَ. (لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) : أَيْ أَعْدَمَ الْمَعْنَى الَّذِي يَسْمَعُونَ بِهِ. (وَعَلَى كُلِّ) : مُتَعَلِّقٌ بِـ: ((قَدِيرٌ)) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
10 ديسمبر 2023
تعليقات (0)