المنشورات
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (63))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالصَّابِئِينَ) : يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ مِنْ صَبَأَ يَصْبَأُ إِذَا مَالَ، وَيُقْرَأُ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَذَلِكَ عَلَى قَلْبِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا فِي صَبَا، وَعَلَى قَلْبِهَا يَاءً فِي صَابِي، وَلَمَّا قَلَبَهَا يَاءً حَذَفَهَا مِنْ أَجْلِ يَاءِ الْجَمْعِ.
وَالْأَلِفُ فِي هَادُوا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ ; لِأَنَّهُ مَنْ هَادَ يَهُودُ إِذَا تَابَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: «إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ» ، وَيُقَالُ هُوَ مِنَ الْهَوَادَةِ، وَهُوَ الْخُضُوعُ، وَيُقَالُ أَصْلُهَا يَاءٌ مِنْ هَادَ يَهِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ: مَنْ آمَنُ مَنْ هُنَا شُرْطِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ مُبْتَدَأٍ وَالْخَبَرُ آمَنَ، وَالْجَوَابُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ إِنَّ الَّذِينَ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْ بِمَعْنَى الَّذِي غَيْرُ جَازِمَةٍ، وَيَكُونَ بَدَلًا مِنَ اسْمِ إِنَّ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْضًا، وَخَبَرُ إِنَّ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ.
وَقَدْ حُمِلَ عَلَى لَفْظِ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ، فَوَحَّدَ الضَّمِيرَ، وَحَمَلَ عَلَى مَعْنَاهَا: «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ» فَجَمَعَ. وَ (أَجْرُهُمْ) : مُبْتَدَأٌ، وَلَهُمْ خَبَرُهُ، وَعِنْدَ الْأَخْفَشِ أَنَّ أَجْرَهُمْ مَرْفُوعٌ بِالْجَارِّ وَ (عِنْدَ) : ظَرْفٌ، وَالْعَامِلُ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْأَجْرِ، تَقْدِيرُهُ: فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثَابِتًا عِنْدَ. «رَبِّهِمْ» وَالْأَجْرُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ يُقَالُ أَجَرَهُ اللَّهُ يَأْجُرُهُ أَجْرًا، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ ; لِأَنَّ الْأَجْرَ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُجَازَى بِهِ الْمُطِيعُ فَهُوَ مَأْجُورٌ بِهِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
10 ديسمبر 2023
تعليقات (0)