المنشورات
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَكْفُرُونَ) : أَيْ وَهُمْ يَكْفُرُونَ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَالْعَامِلُ فِيهَا قَالُوا مِنْ قَوْلِهِ: (قَالُوا نُؤْمِنُ) ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ نُؤْمِنُ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْحَالِ وَنَكْفُرُ أَيْ وَنَحْنُ نَكْفُرُ وَالْهَاءُ فِي (وَرَاءَهُ) تَعُودُ عَلَى مَا، وَالْهَمْزَةُ فِي وَرَاءَ بَدَلٌ مِنْ يَاءٍ ; لِأَنَّ مَا فَاؤُهُ وَاوٌ لَا يَكُونُ لَامُهُ وَاوًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهَا يَاءٌ فِي تَوَارَيْتُ لَا هَمْزَةٌ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ هِيَ عِنْدَنَا هَمْزَةٌ ; لِقَوْلِهِمْ وُرَيْئَةٌ بِالْهَمْزِ فِي التَّصْغِيرِ.
(وَهُوَ الْحَقُّ) : جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ وَالْعَامِلُ فِيهَا يَكْفُرُونَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ (مَا) إِذِ التَّقْدِيرُ بِالَّذِي اسْتَقَرَّ وَرَاءَهُ. (مُصَدِّقًا) : حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ، وَالْعَامِلُ فِيهَا مَا فِي الْحَقِّ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ إِذِ الْمَعْنَى وَهُوَ ثَابِتٌ مُصَدِّقًا، وَصَاحِبُ الْحَالِ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي الْحَقِّ عِنْدَ قَوْمٍ، وَعِنْدَ آخَرِينَ صَاحِبُ الْحَالِ ضَمِيرٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَالْحَقُّ مَصْدَرٌ لَا يَتَحَمَّلُ الضَّمِيرَ عَلَى حَسَبِ تَحَمُّلِ اسْمِ الْفَاعِلِ لَهُ عِنْدَهُمْ، فَأَمَّا الْمَصْدَرُ الَّذِي يَنُوبُ عَنِ الْفِعْلِ ; كَقَوْلِكَ ضَرْبًا زَيْدًا فَيَتَحَمَّلُ الضَّمِيرَ عِنْدَ قَوْمٍ.
(فَلِمَ) : مَا: هُنَا اسْتِفْهَامٌ، وَحُذِفَتْ أَلِفُهَا مَعَ حَرْفِ الْجَرِّ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِفْهَامِيَّةِ وَالْخَبَرِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَتْ فِي الشِّعْرِ غَيْرَ مَحْذُوفَةٍ، وَمِثْلُهُ: (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا) [النَّازِعَاتِ: 43] وَ (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) [النَّبَأِ: 1] وَ (مِمَّ خُلِقَ) [الطَّارِقِ: 5] .
(تَقْتُلُونَ) : أَيْ قَتَلْتُمْ. وَالْمَعْنَى أَنَّ آبَاءَهُمْ قُتِلُوا فَلَمَّا رَضُوا بِفِعْلِهِمْ أَضَافَ الْقَتْلَ إِلَيْهِمْ: إِنْ كُنْتُمْ جَوَابُهَا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
10 ديسمبر 2023
تعليقات (0)