المنشورات
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَنْ يَرْغَبُ) : مَنِ اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ ; وَلِذَلِكَ جَاءَتْ إِلَّا بَعْدَهَا ; لِأَنَّ الْمُنْكَرَ مَنْفِيٌّ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ، وَيَرْغَبُ الْخَبَرُ، وَفِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَنْ (إِلَّا مَنْ) مَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَفْعًا بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَرْغَبُ. وَمَنْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي وَ (نَفْسَهُ) : مَفْعُولُ سَفِهَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ جَهِلَ تَقْدِيرُهُ: إِلَّا مَنْ جَهِلَ خَلْقَ نَفْسِهِ أَوْ مَصِيرَهَا، وَقِيلَ التَّقْدِيرُ سَفِهَ بِالتَّشْدِيدِ، وَقِيلَ التَّقْدِيرُ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ هُوَ تَمْيِيزٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِكَوْنِهِ مَعْرِفَةً.
(فِي الْآخِرَةِ) : مُتَعَلِّقٌ بِالصَّالِحِينَ ; أَيْ وَإِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الْآخِرَةِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ عَلَى هَذَا لِلتَّعْرِيفِ، لَا بِمَعْنَى الَّذِي ; لِأَنَّكَ لَوْ جَعَلْتَهَا بِمَعْنَى الَّذِي لَقَدَّمْتَ الصِّلَةَ عَلَى الْمَوْصُولِ. وَقِيلَ هِيَ بِمَعْنَى الَّذِي، وَفِي مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُبَيِّنُهُ «الصَّالِحِينَ» تَقْدِيرُهُ إِنَّهُ لَصَالِحٌ فِي الْآخِرَةِ، وَهَذَا يُسَمَّى التَّبْيِينُ وَنَظِيرُهُ.
رَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا كَانَ جَزَائِي بِالْعَصَا أَنْ أُجْلَدَا تَقْدِيرُهُ: كَانَ جَزَائِي الْجَلْدُ بِالْعَصَا، وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)