(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ) : وِجْهَةٌ مُبْتَدَأٌ، وَلِكُلٍّ خَبَرُهُ. وَالتَّقْدِيرُ: لِكُلِّ فَرِيقٍ. وَوِجْهَةٌ جَاءَ عَلَى الْأَصْلِ، وَالْقِيَاسُ جِهَةٌ، مِثْلُ عِدَةٍ وَزِنَةٍ.
وَالْوِجْهَةُ مَصْدَرٌ. فِي مَعْنَى الْمُتَوَجَّهِ إِلَيْهِ، كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ، وَهِيَ مَصْدَرٌ مَحْذُوفُ الزَّوَائِدِ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ تَوَجَّهُ أَوِ اتَّجَهَ، وَالْمَصْدَرُ التَّوَجُّهُ، أَوْ الِاتِّجَاهُ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْهُ وَجْهٌ كَوَعْدٍ. (هُوَ مُوَلِّيهَا) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفِي هُوَ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ ضَمِيرُ اسْمِ اللَّهِ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ ; أَيِ اللَّهُ مَوِّلِي تِلْكَ الْجِهَةَ ذَلِكَ الْفَرِيقَ ; أَيْ يَأْمُرُهُ بِهَا. وَالثَّانِي: هُوَ ضَمِيرُ كُلٍّ ; أَيْ ذَلِكَ الْفَرِيقُ مُوَلِّي الْوِجْهَةَ نَفْسَهُ.
وَيُقْرَأُ مَوْلَاهَا بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهُوَ عَلَى هَذَا هُوَ ضَمِيرُ الْفَرِيقِ وَمَوْلَى لَمَّا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ هُوَ الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ فِيهِ، وَهَا ضَمِيرُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، وَهُوَ ضَمِيرُ الْوِجْهَةِ، وَقِيلَ لِلتَّوْلِيَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ ضَمِيرَ اسْمِ اللَّهِ ; لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِوِجْهَةٍ. وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ: «وَلِكُلِّ وِجْهَةٍ» بِإِضَافَةِ كُلٍّ لِوِجْهَةٍ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ اللَّامُ زَائِدَةً ; وَالتَّقْدِيرُ: كُلُّ وِجْهَةٍ اللَّهُ مُوَلِّيهَا أَهْلَهَا ; وَحَسَّنَ زِيَادَةَ اللَّامِ تَقَدُّمُ الْمَفْعُولِ ; وَكَوْنُ الْعَامِلِ اسْمَ فَاعِلٍ.
(أَيْنَمَا) : ظَرْفٌ لِـ (تَكُونُوا) .
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)