المنشورات

(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11)) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَدَأْبِ) : الْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ; وَفِي ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ أَقْوَالٌ.
أَحَدُهَا تَقْدِيرُهُ: كَفَرُوا كُفْرًا كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَلَيْسَ الْفِعْلُ الْمُقَدَّرُ هَاهُنَا هُوَ الَّذِي فِي صِلَةِ الَّذِينَ ; لِأَنَّ الْفِعْلَ قَدِ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ بِالْكَافِ ; لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الَّذِينَ خَبَرَهُ، وَلَكِنْ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ «كَفَرُوا» الَّتِي هِيَ صِلَةٌ.
وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهُ: عُذِّبُوا عَذَابًا كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَدَلَّ عَلَيْهِ أُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ.
وَالثَّالِثُ: تَقْدِيرُهُ: بَطُلَ انْتِفَاعُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَعَادَةِ آلِ فِرْعَوْنَ.
وَالرَّابِعُ: تَقْدِيرُهُ: كَذَّبُوا تَكْذِيبًا كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ; فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي كَذَّبُوا لَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ تَخْوِيفٌ لَهُمْ لِعِلْمِهِمْ بِمَا حَلَّ بِآلِ فِرْعَوْنَ، وَفِي أَخْذِهِ لِآلِ فِرْعَوْنَ.
(وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَطْفًا عَلَى آلِ فِرْعَوْنَ.
وَقِيلَ: الْكَافُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: دَأْبُهُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلُ دَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ; فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ فِي (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ جَرٌّ بِالْعَطْفِ أَيْضًا، وَكَذَّبُوا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَ «قَدْ» مَعَهُ مُرَادَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا لَا مَوْضِعَ لَهُ ذُكِرَ لِشَرْحِ حَالِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ تَمَّ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مُبْتَدَأٌ، وَ «كَذَّبُوا» خَبَرُهُ. وَ (شَدِيدُ الْعِقَابِ) : تَقْدِيرُهُ: شَدِيدٌ عِقَابُهُ ; فَالْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ.
وَقِيلَ: شَدِيدٌ هُنَا بِمَعْنَى مُشَدَّدٌ ; فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مِنْ إِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ إِلَى الْمَفْعُولِ، وَقَدْ جَاءَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعِلٍ وَمُفْعَلٍ.





مصادر و المراجع :

١-التبيان في إعراب القرآن

المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى : 616هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید