المنشورات
(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، وَتُقْلَبُ الثَّانِيَةُ وَاوًا خَاصَّةً ; لِانْضِمَامِهَا وَتَلْيِينِهَا، وَهُوَ جَعْلُهَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ، وَسَوَّغَ ذَلِكَ انْفِتَاحُ مَا قَبْلَهَا.
(بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ) : «مِنْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِخَيْرٍ ; تَقْدِيرُهُ: بِمَا يَفْضُلُ ذَلِكَ، وَلَا
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِخَيْرٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا رَغِبُوا فِيهِ بَعْضًا لِمَا زَهِدُوا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا. (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) : خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ «جَنَّاتٌ» . وَ (تَجْرِي) : صِفَةٌ لَهَا.
وَ (عِنْدَ رَبِّهِمْ) : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِلِاسْتِقْرَارِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْجَنَّاتِ فِي الْأَصْلِ قُدِّمَ فَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ تَجْرِي. وَ (مِنْ تَحْتِهَا) : مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَنْهَارِ ; أَيْ تَجْرِي الْأَنْهَارُ كَائِنَةً تَحْتَهَا وَيُقْرَأُ جَنَّاتٌ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَجْرُورٌ بَدَلًا مِنْ خَيْرٍ، فَيَكُونُ لِلَّذِينِ اتَّقَوْا عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِخَيْرٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ بَدَلًا مِنْ مَوْضِعِ بِخَيْرٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هُوَ جَنَّاتٌ ; وَمِثْلُهُ: (بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ) [الْحَجِّ: 27] وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَ (خَالِدِينَ فِيهَا) : حَالٌ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْهَاءِ فِي تَحْتِهَا، وَإِنْ شِئْتَ مِنَ الضَّمِيرِ فِي اتَّقَوْا، وَالْعَامِلُ الِاسْتِقْرَارُ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ.
(وَأَزْوَاجٌ) : مَعْطُوفٌ عَلَى جَنَّاتٍ بِالرَّفْعِ. فَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ «وَلَهُمْ أَزْوَاجٌ» . (وَرِضْوَانٌ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَنَظِيرُ الْكَسْرِ الْإِتْيَانُ وَالْحِرْمَانُ، وَنَظِيرُ الضَّمِّ الشُّكْرَانُ وَالْكُفْرَانُ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)