المنشورات
(وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تُقِرُّوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ، فَعَلَى هَذَا اللَّامُ غَيْرُ زَائِدَةٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً، وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى ; أَيِ اجْحَدُوا كُلَّ أَحَدٍ إِلَّا مَنْ تَبِعَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ النِّيَّةَ التَّأْخِيرُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا تُصَدِّقُوا أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ إِلَّا مَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ، فَاللَّامُ عَلَى هَذَا زَائِدَةٌ، وَمَنْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَحَدٍ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: (قُلْ إِنَّ الْهُدَى) : فَمُعْتَرِضٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لِأَنَّهُ مُشَدَّدٌ، وَهَذَا الْوَجْهُ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ فِيهِ تَقْدِيمُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَعَلَى الْعَامِلِ فِيهِ، وَتَقْدِيمُ مَا فِي صِلَةِ أَنْ عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا مَوْضِعُ «أَنْ يُؤْتَى» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: جَرٌّ، تَقْدِيرُهُ: وَلَا تُؤْمِنُوا بِأَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مِنْ أَجْلِهِ ; تَقْدِيرُهُ: وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ. وَقِيلَ: أَنْ يُؤْتَى مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: «قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ» ، وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ لَا يُؤْتَى ; أَيْ هُوَ أَنْ لَا يُؤْتَى، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. (أَوْ يُحَاجُّوكُمْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى يُؤْتَى، وَجَمَعَ الضَّمِيرَ لِأَحَدٍ ; لِأَنَّهُ فِي مَذْهَبِ الْجَمْعِ، كَمَا قَالَ (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) [الْبَقَرَةِ: 136] وَيُقْرَأُ أَنْ يُؤْتَى عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَمَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، تَقْدِيرُهُ: إِتْيَانُ أَحَدٍ مِثْلُ مَا أُوتِيتُمْ، يُمْكِنُ أَوْ يُصَدَّقُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، تَقْدِيرُهُ: أَتُصَدِّقُونَ أَنْ يُؤْتَى، أَوْ أَتُشِيعُونَ. وَيُقْرَأُ شَاذًّا أَنْ يُؤْتَى عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ، وَأَحَدٌ فَاعِلُهُ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ أَنْ يُؤْتِيَ أَحَدٌ أَحَدًا.
(يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هُوَ يُؤْتِيهِ، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)