المنشورات
(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ
فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (12) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ) : فِي «كَانَ» وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هِيَ تَامَّةٌ وَرَجُلٌ فَاعِلُهَا، وَ «يُورَثُ» صِفَةٌ لَهُ وَ «كَلَالَةٌ» حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُورَثُ. وَالْكَلَالَةُ عَلَى
هَذَا: اسْمٌ لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَالِدًا، وَلَوْ قُرِئَ - كَلَالَةٌ - بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ، أَوْ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُورَثُ لَجَازَ، غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَعْرِفْ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ، فَلَا يُقْرَآنِ إِلَّا بِمَا نُقِلَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ كَانَ هِيَ النَّاقِصَةُ، وَرَجُلٌ اسْمُهَا وَيُورَثُ خَبَرُهَا وَ «كَلَالَةً» حَالٌ أَيْضًا. وَقِيلَ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْمَالِ الْمَوْرُوثِ، فَعَلَى هَذَا يَنْتَصِبُ «كَلَالَةً» عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِيُورَثُ كَمَا تَقُولُ وَرِثَ زِيدٌ مَالًا. وَقِيلَ: الْكَلَالَةُ اسْمٌ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ، وَلَا وَالِدٌ، فَعَلَى هَذَا لَا وَجْهَ لِهَذَا الْكَلَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَنَّهُ لَا نَاصِبَ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ زَيْدٌ يُورَثُ إِخْوَةً لَمْ يَسْتَقِمْ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً وَمُثْقَلَةً وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا وَقِيلَ: يَصِحُّ هَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ ذَا كَلَالَةٍ فَذَا حَالٌ أَوْ خَبَرُ كَانَ وَمَنْ كَسَرَ الرَّاءَ جَعَلَ كَلَالَةً مَفْعُولًا بِهِ وَتَكُونُ الْكَلَالَةُ إِمَّا الْوَرَثَةَ وَإِمَا الْمَالَ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ أَحَدُ الْمَفْعُولَيْنِ مَحْذُوفٌ؛ وَالتَّقْدِيرُ: يُوَرِّثُ أَهْلَهُ مَالًا (وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) : إِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَلِمَ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَذَكَرَهُ؟
قِيلَ: أَمَّا إِفْرَادُهُ فَلِأَنَّ «أَوْ» لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَقَدْ قَالَ أَوِ امْرَأَةٌ، فَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِذَلِكَ، وَأَمَّا تَذْكِيرُهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يَرْجِعُ إِلَى الرَّجُلِ لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ مَبْدُوءٌ بِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَلَفْظُ أَحَدٍ مُذَكَّرٌ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَيِّتِ أَوِ الْمَوْرُوثِ، لِتَقَدُّمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. (فَإِنْ كَانُوا) : الْوَاوُ ضَمِيرُ الْإِخْوَةِ مِنَ الْأُمِّ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ وَ (ذَلِكَ) : كِنَايَةٌ عَنِ الْوَاحِدِ. (يُوصَى بِهَا) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الصَّادِ؛ أَيْ: يُوصِي بِهَا الْمُحْتَضِرُ وَبِفَتْحِهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، وَيُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى التَّكْثِيرِ. (غَيْرَ مُضَارٍّ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي يُوصِي.
، وَالْجُمْهُورُ عَلَى تَنْوِينِ مُضَارٍّ، وَالتَّقْدِيرُ: غَيْرَ مَضَارٍّ بِوَرَثَتِهِ. وَ (وَصِيَّةً) : مَصْدَرٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَصَّى اللَّهُ بِذَلِكَ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ غَيْرَ مُضَارٍّ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ: غَيْرَ مُضَارِّ وَصِيَّةٍ بِالْإِضَافَةِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَقْدِيرُهُ: غَيْرَ مُضَارِّ أَهْلِ وَصِيَّةٍ، أَوْ ذِي وَصِيَّةٍ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهُ: غَيْرَ مُضَارِّ وَقْتِ وَصِيَّةٍ، فَحُذِفَ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الزَّمَانِ. وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ هُوَ فَارِسُ حَرْبٍ؛ أَيْ: فَارِسٌ فِي الْحَرْبِ، وَيُقَالُ هُوَ فَارِسُ زَمَانِهِ؛ أَيْ: فِي زَمَانِهِ، كَذَلِكَ التَّقْدِيرُ: لِلْقِرَاءَةِ غَيْرَ مَضَارٍّ فِي وَقْتِ الْوَصِيَّةِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)