المنشورات
(وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) (22) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا نَكَحَ) : مِثْلُ قَوْلِهِ: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ) [النِّسَاءِ: 24] وَكَذَلِكَ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَهُوَ يَتَكَرَّرُ فِي الْقُرْآنِ. (مِنَ النِّسَاءِ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ «مَا» ، أَوْ مِنَ الْعَائِدِ عَلَيْهَا. (إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) : فِي «مَا» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ بِمَعْنَى مَنْ وَقَدْ ذُكِرَ. وَالثَّانِي: هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَمَا سَلَفَ مَاضٍ، فَلَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِهِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ.
وَمَعْنَى الْمُنْقَطِعِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ؛ بَلْ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْنَفِ، وَتُقَدَّرُ إِلَّا فِيهِ بِلَكِنَّ؛ وَالتَّقْدِيرُ هُنَا: وَلَا تَتَزَوَّجُوا مَنْ تَزَوَّجَهُ آبَاؤُكُمْ، وَلَا تَطَئُوا مَنْ وَطِئَهُ آبَاؤُكُمْ، لَكِنْ مَا سَلَفَ مِنْ ذَلِكَ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ، كَمَا تَقُولُ: مَا مَرَرْتُ بِرَجُلٍ إِلَّا بِامْرَأَةٍ؛ أَيْ: لَكِنْ مَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ بَيَانُ مَعْنًى زَائِدٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَكَ: مَا مَرَرْتُ بِرَجُلٍ - صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْمُرُورِ بِرَجُلٍ مَا غَيْرِ مُتَعَرِّضٍ بِإِثْبَاتِ الْمُرُورِ بِامْرَأَةٍ أَوْ نَفْيِهِ، فَإِذَا قُلْتَ: إِلَّا بِامْرَأَةٍ، كَانَ إِثْبَاتًا لِمَعْنًى مَسْكُوتٍ عَنْهُ غَيْرِ مَعْلُومٍ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ نَفْيُهُ وَلَا إِثْبَاتُهُ.
(إِنَّهُ) : الْهَاءُ ضَمِيرُ النِّكَاحِ. (وَمَقْتًا) : تَمَامُ الْكَلَامِ، ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ. (وَسَاءَ سَبِيلًا) : أَيْ: وَسَاءَ هَذَا السَّبِيلُ مِنْ نِكَاحِ مَنْ نَكَحَهُنَّ الْآبَاءُ. (سَبِيلًا) : تَمْيِيزُهُ،
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: «وَسَاءَ سَبِيلًا» مَعْطُوفًا عَلَى خَبَرِ كَانَ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: مَقُولًا فِيهِ سَاءَ سَبِيلًا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)