المنشورات
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا
وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) (43) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ) : قِيلَ: الْمُرَادُ مَوَاضِعُ الصَّلَاةِ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ. وَقِيلَ: لَا حَذْفَ فِيهِ. (وَأَنْتُمْ سُكَارَى) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي تَقْرَبُوا. وَ (سُكَارَى) : جَمْعُ سَكْرَانَ، وَيَجُوزُ ضَمُّ السِّينِ وَفَتْحُهَا، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَقُرِئَ أَيْضًا «سُكْرَى» بِضَمِّ السِّينِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَبِفَتْحِهَا كَذَلِكَ، وَهِيَ صِفَةٌ مُفْرَدَةٌ يَفِي مَوْضِعَ الْجَمْعِ، فَسُكْرَى مِثْلُ حُبْلَى وَسَكْرَى مِثْلُ عَطْشَى. (حَتَّى تَعْلَمُوا) : أَيْ: إِلَى أَنْ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِتَقْرَبُوا. وَ (مَا) : بِمَعْنَى الَّذِي أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً، وَلَا حَذْفَ. (وَلَا جُنُبًا) : حَالٌ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا تُصَلُّوا جُنُبًا، أَوْ لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ جُنُبًا، وَالْجُنُبُ يُفْرَدُ مَعَ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ فِي اللُّغَةِ الْفُصْحَى، يُذْهَبُ بِهِ مَذْهَبَ الْوَصْفِ بِالْمَصَادِرِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثَنِّيهِ وَيَجْمَعُهُ، فَيَقُولُ: جُنُبَانِ وَأَجْنَابٌ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْمُجَانَبَةِ،
وَهِيَ الْمُبَاعَدَةُ. (إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ) : هُوَ حَالٌ أَيْضًا؛ وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَقْرَبُوهَا فِي حَالِ الْجِنَايَةِ؛ إِلَّا فِي حَالِ السَّفَرِ، أَوْ عُبُورِ الْمَسْجِدِ، عَلَى اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْمُرَادِ بِذَلِكَ. (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) : مُتَعَلِّقٌ بِالْعَامِلِ فِي جُنُبٍ. (مِنْكُمْ) : صِفَةٌ لِأَحَدٍ. وَ «مِنَ الْغَائِطِ» مَفْعُولُ جَاءَ، وَالْجُمْهُورُ يَقْرَءُونَ الْغَائِطَ عَلَى فَاعِلٍ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ غَاطَ الْمَكَانَ يَغُوطُ إِذَا اطْمَأَنَّ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مَصْدَرُ يَغُوطُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ غَوْطًا فَقُلِبَ الْوَاوُ يَاءً وَأُسْكِنَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا لِخِفَّتِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ الْغَيْطَ فَخُفِّفَتْ مِثْلُ سَيِّدٍ وَمَيِّتٍ. (أَوْ لَمَسْتُمْ) : يُقْرَأُ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَبِأَلِفٍ وَهُمَا بِمَعْنًى. وَقِيلَ: لَامَسْتُمْ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، أَوْ لَمَسْتُمُ لِلْجِمَاعِ. (فَلَمْ تَجِدُوا) : الْفَاءُ عَطَفَتْ مَا بَعْدَهَا عَلَى جَاءَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ «فَتَيَمَّمُوا» ، وَ «جَاءَ» مَعْطُوفٌ عَلَى كُنْتُمْ؛ أَيْ: وَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ. (صَعِيدًا) : مَفْعُولُ تَيَمَّمُوا؛ أَيِ: اقْصُدُوا صَعِيدًا. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْبَاءِ؛ أَيْ: بِصَعِيدٍ. (بِوُجُوهِكُمْ) : الْبَاءُ زَائِدَةٌ؛ أَيِ: امْسَحُوا وُجُوهَكُمْ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ؛ أَيْ: فَامْسَحُوا وُجُوهَكُمْ بِهِ أَوْ مِنْهُ، وَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
11 ديسمبر 2023
تعليقات (0)