المنشورات
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ) (53) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَيَقُولُ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ، وَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ. وَيُقْرَأُ بِالْوَاوِ كَذَلِكَ، وَيُقْرَأُ بِالْوَاوِ وَالنُّصْبِ، وَفِي النَّصْبِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يَأْتِي حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ مَعْنَى عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ، وَعَسَى أَنْ يَأْتِيَ اللَّهُ وَاحِدٌ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى لَفْظِ أَنْ يَأْتِيَ؛ لِأَنَّ أَنْ يَأْتِيَ خَبَرُ عَسَى وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ، فَيَفْتَقِرُ إِلَى ضَمِيرٍ يَرْجِعُ إِلَى اسْمِ عَسَى، وَلَا ضَمِيرَ فِي قَوْلِهِ: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) ، فَيَصِيرُ كَقَوْلِكَ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ يَأْتِي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ بَدَلًا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي اسْمِ عَسَى، وَاسْتَغْنَى عَنْ خَبَرِهَا بِمَا تَضَمَّنَهُ اسْمُهَا مِنَ الْحَدَثِ.
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْطِفَ عَلَى لَفْظِ يَأْتِي، وَهُوَ خَبَرٌ، وَيُقَدَّرُ مَعَ الْمَعْطُوفِ ضَمِيرٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْفَتْحِ تَقْدِيرُهُ: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ، وَبِأَنْ يَقُولَ الَّذِينَ آمَنُوا. (جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) : فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَالٌ، وَهُوَ هُنَا مَعْرِفَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ يَجْهَلُونَ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ، فَالْحَالُ فِي الْحَقِيقَةِ مُجْتَهِدِينَ، ثُمَّ أُقِيمَ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ مَقَامَهُ، ثُمَّ أُقِيمَ الْمَصْدَرُ مَقَامَ الْفِعْلِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَصْدَرٌ يَعْمَلُ فِيهِ أَقْسَمُوا، وَهُوَ مِنْ مَعْنَاهُ لَا مِنْ لَفْظِهِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
12 ديسمبر 2023
تعليقات (0)