المنشورات
(فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا
إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (107) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ عُثِرَ) : مَصْدَرُهُ الْعُثُورُ، وَمَعْنَاهُ اطُّلِعَ، فَأَمَّا مَصْدَرُ عَثَرَ فِي مَشْيِهِ وَمَنْطِقِهِ وَرَأْيِهِ فَالْعِثَارُ. وَ (عَلَى أَنَّهُمَا) : فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ؛ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْفَاعِلِ. (فَآخَرَانِ) : خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: فَالشَّاهِدَانِ آخَرَانِ.
وَقِيلَ: فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: فَلْيَشْهَدْ آخَرَانِ. وَقِيلَ: هُوَ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ «يَقُومَانِ» ، وَجَازَ الِابْتِدَاءُ هُنَا بِالنَّكِرَةِ؛ لِحُصُولِ الْفَائِدَةِ بِهِ.
وَقِيلَ: الْخَبَرُ «الْأَوْلَيَانِ» . وَقِيلَ: الْمُبْتَدَأُ الْأَوْلَيَانِ وَآخَرَانِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَيَقُومَانِ صِفَةُ آخَرَانِ، إِذَا لَمْ تَجْعَلْهُ خَبَرًا. وَ (مَقَامَهُمَا) : مَصْدَرٌ. وَ (مِنَ الَّذِينَ) : صِفَةٌ أُخْرَى لَآخَرَانِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «يَقُومَانِ» . (اسْتَحَقَّ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ، وَالْفَاعِلُ الْأَوْلَيَانِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ: وَصِيَّتَهُمَا، وَيُقْرَأُ بِضَمِّهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَفِي الْفَاعِلِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا ضَمِيرُ الْإِثْمِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: «اسْتَحَقَّا إِثْمًا» ؛ أَيِ: اسْتُحِقَّ عَلَيْهِمُ الْإِثْمُ.
وَالثَّانِي: الْأَوْلَيَانِ؛ أَيْ: إِثْمُ الْأَوْلَيَيْنِ. وَفِي «عَلَيْهِمُ» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هِيَ عَلَى بَابِهَا كَقَوْلِكَ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِثْمُ.
وَالثَّانِي: هِيَ بِمَعْنَى فِي؛ أَيِ: اسْتَحَقَّ فِيهِمُ الْوَصِيَّةَ وَنَحْوَهَا.
وَالثَّالِثُ: هِيَ بِمَعْنَى مِنْ؛ أَيِ: اسْتَحَقَّ مِنْهُمُ الْأَوْلَيَانِ.
وَمِثْلُهُ: «اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ» ؛ أَيْ: مِنَ النَّاسِ. (الْأَوْلَيَانِ) : يُقْرَأُ بِالْأَلِفِ عَلَى تَثْنِيَةِ أُولَى، وَفِي رَفْعِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: هُمَا الْأَوْلَيَانِ. وَالثَّانِي: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ آخَرَانِ، وَقَدْ ذُكِرَ. وَالثَّالِثُ: هُوَ فَاعِلُ اسْتَحَقَّ، وَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا، وَالرَّابِعُ: هُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَقُومَانِ، وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ صِفَةً لَآخَرَانِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً فَقَدْ وُصِفَ، وَالْأَوْلَيَانِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِمَا قَصْدَ اثْنَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا، وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنِ الْأَخْفَشِ.
وَيُقْرَأُ الْأَوَّلِينَ، وَهُوَ جَمْعُ أَوَّلٍ، وَهُوَ صِفَةٌ لِلَّذِينِ اسْتَحَقَّ أَوْ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمْ،
وَيُقْرَأُ الْأُولَيِينَ، وَهُوَ جَمْعُ أُولَى، وَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِ الْأَوَّلِينَ.
وَيُقْرَأُ «الْأَوَّلَانِ» تَثْيِنَةُ الْأَوَّلِ، وَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِ الْأُولَيَانِ.
(فَيُقْسِمَانِ) : عَطْفٌ عَلَى يَقُومَانِ. (لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ، وَهُوَ جَوَابُ «يُقْسِمَانِ» .
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
12 ديسمبر 2023
تعليقات (0)