المنشورات
(إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (110) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ «يَوْمَ» ، وَالتَّقْدِيرُ: إِذْ يَقُولُ، وَوَقَعَتْ هُنَا «إِذْ» هِيَ لِلْمَاضِي عَلَى حِكَايَةِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: اذْكُرْ إِذْ يَقُولُ. (يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَلِفِ مِنْ عِيسَى فَتْحَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ بِابْنٍ، وَهُوَ بَيْنَ عَلَمَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا ضَمَّةٌ، وَهِيَ مِثْلُ قَوْلِكَ: يَا زَيْدُ بْنَ عُمَرَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا، فَإِذَا قَدَّرْتَ الضَّمَّ، جَازَ أَنْ تَجْعَلَ «ابْنَ مَرْيَمَ» صِفَةً وَبَيَانًا وَبَدَلًا.
(إِذْ أَيَّدْتُكَ) : الْعَامِلُ فِي إِذْ «نِعْمَتِي» . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ نِعْمَتِي، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ عَلَى السَّعَةِ، وَأَيَّدْتُكَ، وَآيَدْتُكَ: قَدْ قُرِئَ بِهِمَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَقَرَةِ. (تُكَلِّمُ النَّاسَ) : فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْكَافِ فِي «أَيَّدْتُكَ» .
وَ (فِي الْمَهْدِ) : ظَرْفٌ لِـ «تُكَلِّمُ» ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «تُكَلِّمُ» .
(وَكَهْلًا) : حَالٌ مِنْهُ أَيْضًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكَافِ فِي أَيَّدْتُكَ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ. «وَإِذْ عَلَّمْتُكَ» . «وَإِذْ تَخْلُقُ» . «وَإِذْ تَخْرُجُ» مَعْطُوفَاتٌ عَلَى إِذْ أَيَّدْتُكَ.
(مِنَ الطِّينِ) : يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ «تَخْلُقُ» فَتَكُونَ مِنْ لِابْتِدَاءِ غَايَةِ الْخَلْقِ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ «هَيْئَةِ الطَّيْرِ» عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ تَقْدِيمَ حَالِ الْمَجْرُورِ عَلَيْهِ، وَالْكَافُ مَفْعُولُ تَخْلُقُ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى قَوْلِهِ «هَيْئَةِ الطَّيْرِ» فِي آلِ عِمْرَانَ. (فَتَكُونُ طَيْرًا) : يُقْرَأُ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى الْفَاعِلِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ طَيِّرًا مِثْلَ سَيِّدٍ، ثُمَّ خُفِّفَ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَقِلُّ فِيمَا عَيْنُهُ يَاءٌ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَيُقْرَأُ طَائِرًا، وَهِيَ صِفَةٌ غَالِبَةٌ.
وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، مِثْلُ الْحَامِلِ وَالْبَاقِرِ. وَ (تُبْرِئُ) : مَعْطُوفٌ عَلَى «تَخْلُقُ» . (إِذْ جِئْتَهُمْ) : ظَرْفٌ لِكَفَفْتُ. (سِحْرٌ مُبِينٌ) : يُقْرَأُ بِغَيْرِ أَلِفٍ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَيُشَارُ بِهِ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ.
وَيُقْرَأُ سَاحِرٌ بِالْأَلِفِ، وَالْإِشَارَةُ بِهِ إِلَى عِيسَى.
وَقِيلَ: هُوَ فَاعِلٌ فِي مَعْنَى الْمَصْدَرِ؛ كَمَا قَالُوا: عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْكَ؛ أَيْ: عَوْذًا أَوْ عِيَاذًا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
12 ديسمبر 2023
تعليقات (0)