المنشورات
(وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) (3) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ اللَّهُ) : وَهُوَ مُبْتَدَأٌ، وَاللَّهُ الْخَبَرُ. وَ (فِي السَّمَاوَاتِ) : فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِـ «يَعْلَمُ» ؛ أَيْ: يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَهُمَا ظَرْفَانِ لِلْعِلْمِ. فَيَعْلَمُ عَلَى هَذَا خَبَرٌ ثَانٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ بَدَلًا مِنْ هُوَ، وَيَعْلَمُ الْخَبَرُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَعَلَّقَ «فِي» بَاسِمِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَعْبُودِ؛ أَيْ: وَهُوَ الْمَعْبُودُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَيَعْلَمُ عَلَى هَذَا خَبَرٌ ثَانٍ، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الْمَعْبُودِ، أَوْ مُسْتَأْنَفٌ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ «فِي» بِاسْمِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِدُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالتَّغْيِيرِ الَّذِي دَخَلَهُ كَالْعَلَمِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) [مَرْيَمَ: 65] وَقِيلَ: قَدْ تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ «فِي السَّمَاوَاتِ» . وَ «فِي الْأَرْضِ» يَتَعَلَّقُ بِـ «يَعْلَمُ» ؛ وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَعْبُودٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ، وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَلَا اخْتِصَاصَ لِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ بِأَحَدِ الظَّرْفَيْنِ.
وَ (سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) : مَصْدَرَانِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولَيْنِ؛ أَيْ: مَسْرُورَكُمْ وَمَجْهُورَكُمْ، وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) [النَّحْلِ: 19] ؛ أَيِ: الَّذِي. . . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا عَلَى بَابِهِمَا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
12 ديسمبر 2023
تعليقات (0)