المنشورات
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (38) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي الْأَرْضِ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِدَابَّةٍ، وَفِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ لَهَا أَيْضًا عَلَى الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ. (وَلَا طَائِرٍ) : مَعْطُوفٌ عَلَى لَفْظِ دَابَّةٍ، وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْمَوْضِعِ. (بِجَنَاحَيْهِ) : يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْبَاءُ بِيَطِيرُ، وَأَنْ تَكُونَ حَالًا، وَهُوَ تَوْكِيدٌ، وَفِيهِ رَفْعُ مَجَازٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الطَّائِرِ قَدْ يُقَالُ فِيهِ طَارَ إِذَا أَسْرَعَ. (مِنْ شَيْءٍ) : «مِنْ» زَائِدَةٌ؛ «وَشَيْءٌ» هُنَا وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ؛ أَيْ: تَفْرِيطًا، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَبْقَى فِي الْآيَةِ حُجَّةٌ لِمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْكِتَابَ يَحْتَوِي عَلَى ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ صَرِيحًا.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ (لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا) : أَيْ ضَرَرًا وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُ نَظَائِرَ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «شَيْئًا» مَفْعُولًا بِهِ؛ لِأَنَّ فَرَّطْنَا لَا تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا بَلْ بِحَرْفِ الْجَرِّ، وَقَدْ عُدِّيَتْ بِفِي إِلَى الْكِتَابِ فَلَا تَتَعَدَّى بِحَرْفٍ آخَرَ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مَا تَرَكْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى خِلَافِهِ؛ فَبَانَ أَنَّ التَّأْوِيلَ مَا ذَكَرْنَا.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
12 ديسمبر 2023
تعليقات (0)