المنشورات
(وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) (4) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ) : فِي «كَمْ» وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ مُبْتَدَأٌ، وَ «مِنْ قَرْيَةٍ» تَبْيِينٌ، وَمِنْ زَائِدَةٌ، وَالْخَبَرُ «أَهْلَكْنَاهَا» ، وَجَازَ تَأْنِيثُ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى «كَمْ» ؛ لِأَنَّ كَمْ فِي الْمَعْنَى «قُرًى» . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَهْلَكْنَاهَا صِفَةٌ لِقَرْيَةٍ، وَالْخَبَرُ «فَجَاءَهَا بَأْسُنَا» وَهُوَ سَهْوٌ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ تَمْنَعُ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ «كَمْ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، دَلَّ عَلَيْهِ أَهْلَكْنَاهَا، وَالتَّقْدِيرُ: كَثِيرًا مِنَ الْقُرَى أَهْلَكْنَا، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفِعْلِ عَلَى «كَمْ» وَإِنْ كَانَتْ خَبَرًا؛ لِأَنَّ لَهَا صَدْرُ الْكَلَامِ إِذْ أَشْبَهَتْ رُبَّ، وَالْمَعْنَى: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَرَدْنَا إِهْلَاكَهَا كَقَوْلِهِ: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) [النَّحْلِ: 98] : أَيْ: أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ.
وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ عَلَى الْقَلْبِ؛ أَيْ: وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ جَاءَهَا بَأْسُنَا فَأَهْلَكْنَاهَا، وَالْقَلْبُ هُنَا لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَيَبْقَى مَحْضَ ضَرُورَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا فَجَاءَ أَهْلُهَا. (بَيَاتًا) : الْبَيَاتُ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ الظَّرْفِ. (أَوْ هُمْ قَائِلُونَ) : الْجُمْلَةُ حَالٌ، وَ «أَوْ» لِتَفْصِيلِ الْجُمَلِ؛ أَيْ: جَاءَ بَعْضُهُمْ بَأْسُنَا لَيْلًا وَبَعْضُهُمْ نَهَارًا، وَالْوَاوُ هُنَا وَاوُ «أَوْ» وَلَيْسَتْ حَرْفَ الْعَطْفِ سُكِّنَتْ تَخْفِيفًا، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا) [الْبَقَرَةِ: 100] .
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
13 ديسمبر 2023
تعليقات (0)