المنشورات
(مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ
نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُهْطِعِينَ) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْأَبْصَارِ ; وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: تَشْخَصُ فِيهِ أَصْحَابُ الْأَبْصَارِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: شَخَصَ زَيْدٌ بَصَرَهُ ; أَوْ تَكُونُ الْأَبْصَارُ دَلَّتْ عَلَى أَرْبَابِهَا، فَجَعَلَتِ الْحَالَ مِنَ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: تَرَاهُمْ مُهْطِعِينَ.
(مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ) : الْإِضَافَةُ غَيْرُ مَحْضَةٍ ; لِأَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ أَوْ حَالٌ. (لَا يَرْتَدُّ) : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُقْنِعِي، أَوْ بَدَلٌ مِنْ مُقْنِعِي، وَ (طَرْفُهُمْ) : مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: مَا طَرَفَتْ عَيْنُهُ، وَلَمْ يَبْقَ عَيْنٌ تَطْرُفُ، وَقَدْ جَاءَ مَجْمُوعًا. وَ (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) : جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; أَيْضًا، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي الْحَالِ «يَرْتَدُّ» أَوْ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْعَوَامِلِ الصَّالِحَةِ لِلْعَمَلِ فِيهَا.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ أَفْرَدَ «هَوَاءٌ» ، وَهُوَ خَبَرٌ لِجَمْعٍ؟ . قِيلَ: لَمَّا كَانَ مَعْنَى هَوَاءٍ هَاهُنَا فَارِغَةً مُتَخَرِّفَةً، أُفْرِدَ، كَمَا يَجُوزُ إِفْرَادُ فَارِغَةٍ ; لِأَنَّ تَاءَ التَّأْنِيثِ فِيهَا تَدُلُّ عَلَى تَأْنِيثِ الْجَمْعِ الَّذِي فِي «أَفْئِدَتِهِمْ» وَمِثْلُهُ: أَحْوَالٌ صَعْبَةٌ، وَأَفْعَالٌ فَاسِدَةٌ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
(يَوْمَ يَأْتِيهِمُ) : هُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَنْذِرْ ; وَالتَّقْدِيرُ: وَأَنْذِرْهُمْ عَذَابَ يَوْمٍ ; وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا ; لِأَنَّ الْإِنْذَارَ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ.
مصادر و المراجع :
١-التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري (المتوفى
: 616هـ)
14 ديسمبر 2023
تعليقات (0)