المنشورات

مصادر كتاب المنتظم:

لقد استفاد الإمام ابن الجوزي من ابن إسحاق في «السيرة النبويّة» ، ومن ابن سعد في «الطبقات» ، ومن الطبري في «التاريخ» ، ومن الخطيب في «تاريخ بغداد» أكثر من غيرها من المصادر. فكان يشير إليها صراحة في بعض المواضع، ويهملها في مواضع أخرى، ويكون حرفيا في نقله منها حينا، ومختزلا في أحيان أخرى، وناقدا في بعضها، وقد تابع ابن إسحاق من بدء الخليقة حتى عام 95 هـ-، ولكن اقتباساته عنه في عصر الرسالة تشكل بذاتها دراسة مستقلة للسيرة النبويّة، وكان ابن سعد الّذي سايره ابن الجوزي من عصر الرسالة حتى عام 193 هـ-. وكان كتاب «الطبقات الكبرى» مصدرا أساسيا له، حيث أولاه ثقة كبيرة، ولم يبتعد عنه إلا من حيث عدم مسايرته في الحرص على سند الرواية، وكان الطبري في كتابه «تاريخ الرسل والملوك» مصدر المنتظم من الخليقة، وسايره وفق العصور التاريخية التالية، فقد كان تعويله عليه كليا، وبخاصة الحوادث السياسية، مكتفيا بذكر الرواية التي يعتبرها أسلم أو أصح من غيرها عند تعدد الروايات للحدث الواحد. وبما أن الطبري يهتم بحوادث العراق والمشرق الإسلامي أكثر من غيرهما، فإن ابن الجوزي يركز بدوره على هاتين المنطقتين أكثر من غيرهما [1] .
وكان ابن الجوزي قد استقى نصوصا من موارد الطبري كأبي مخنف لوط بن يحيى، وسيف بن عمر، وهشام الكلبي، ومحمد بن عمر الواقدي، والهيثم بن عدي، وعلي بن محمد المدائني، وغيرهم.
وكانت بعض النصوص متطابقة مع الطبري، وحيث ابن ابن الجوزي لم يذكر أنه نقل مباشرة عن أي واحد من هؤلاء فإن اعتماده على الطبري في نقله عنهم قد يبدو محتملا، إلا أن هذا الاحتمال لا ينفي احتمالا آخر هو أن كتب هؤلاء لم تكن قد ضاعت عند تدوين المنتظم، وأن نقله عنها كان مباشرا [2] .
ولا يقل «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي أهمية في تراجم المنتظم عن الطبري في حوادثه، فابن الجوزي قد أعتمده كثيرا، واعتمد على موارده أيضا، وإن لم يشر إليه في كثير من الأحيان، فهو حتى عام 458 هـ- يستظل بالخطيب البغدادي، سواء بالنقل الحرفي منه أو باختزال السند والمتن أو أحدهما، ولكنه في بعض الأحيان كان ناقدا لاذعا ومجرحا عنيفا للخطيب البغدادي [3] .
أما بالنسبة للحديث النبوي فقد اعتمد على الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو في أكثر الأحيان يعتمدهما معا، وفي أحيان أخرى يعتمد على أحدهما، وأحيانا عليهما أو على أحدهما بمعيّة الإمام أحمد في «المسند» [4] .

أما بالنسبة للمحدثين من تراجمه فقد اعتمد على يحيى بن معين في تاريخه حتى عام 248 هـ-. وما قيل في الرجال من مصطلحات الجرح والتعديل، وكان في معظم النصوص ناقلا حرفيا. والإمام البخاري في «تاريخه الكبير، والصغير» حتى عام 248 هـ- أيضا. وكان على غرار اقتباساته من يحيى بن معين ناقلا حرفيا. وابن أبي حاتم الرازيّ في كتابه «الجرح والتعديل» والدار الدّارقطنيّ. وقد كانت معظم النصوص المستقاة عنه في تراجمه للمحدثين مودعة في «تاريخ بغداد» وكذلك الحال اقتباساته من أبي بكر البرقاني، وأبي عبد الله الصوري، وأبي الحسن العتيقي، الذين هم من موارد الخطيب.
أما الفترة التاريخية التي أعقبت «تاريخ الطبري» فقد كان ابن الجوزي قد اعتمد على أبي بكر الصولي، وكان قد استقى مادته من كتاب «الأوراق» لأن بعضها جاء متطابقا مع كتاب «أخبار الراضي والمتقي» الّذي يشكل جزءا منه، ويبدو أنه قد أحاط الصولي بثقة كبيرة، فقد نقل عنه حرفيا دون أن يكون ناقدا لأحد النصوص في الفترة الواقعة بين 102 هـ- إلى 336 هـ-. وكذلك اعتمد على أبي علي التنوخي في كتابه «نشوار المحاضرة» حتى عام 354 هـ-. وهلال بن المحسن الصابي في «خطط بغداد وحضارتها» حتى عام 466 هـ-. وكان شيوخ ابن الجوزي مصادره الأساسية في الفترة التي أعقبت وفاة الخطيب البغدادي حتى العقد الثاني من القرن السادس الهجريّ حيث يصبح ابن الجوزي مصدر الحوادث ومؤرخ عصره [1] .





مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید