تميز كتاب المنتظم عما سبقه من كتب، حيث إنه جميع بين كونه مسردا تاريخيا للأحداث على مدار السنوات، واحتوائه على ثلاثة آلاف وثلاثمائة وسبعين ترجمة لمختلف الشخصيات من خلفاء، وملوك، ووزراء، وفقهاء ومحدثين، ومورخين، وفلاسفة، وشعراء، ومصنفين وغيرهم. وهذا ما لم يسبقه أحد من المؤرخين إليه، ولكن قلّده من جاء بعده في طريقته.
فقد كان لابن الجوزي الفضل في تغيير أسلوب كتابة التاريخ، فأصبح من أسلوب السرد غير المنسق إلى أسلوب منسق ملتزم بمنهج يسير عليه، فلا يسهب في سرد الأحداث ويهمل التراجم، أو العكس، ولكن يعطي لكل من الجانبين ما يستحقه.
وقد كان من أهمية كتاب المنتظم حفظ النصوص من الضياع، فقد نقل لنا نصوصا من كتب مفقودة في عصرنا هذا، وليس كذلك فقط بل انه نقل لنا نصوصا من كتب مطبوعة الآن مثل كتاب «تاريخ بغداد» للخطيب هذه النصوص لا نجدها ضمن النسخة المطبوعة من هذا الكتاب، ويرجع ذلك إلى سقوط بعض النصوص من النسخة التي طبع عليه الكتاب.
وبالإضافة إلى ذلك فإن ابن الجوزي انفرد في «كتاب المنتظم» بنصوص تاريخية لم نجدها لدى أسلافه المتقدمين، ولكن يؤخذ عليه إهمال المصادر التي نقل عنها هذه النصوص التاريخية [1] .
وكذلك فإن كتاب «المنتظم» كان في حد ذاته مسردا تاريخيا ووثيقة تاريخية للعصر الّذي عاش فيه ابن الجوزي، حيث انه عاصر فترة من أهم الفترات التاريخية.
كما أن «المنتظم» أصبح مصدرا رئيسيا لتدوين التاريخ لمن جاء بعد ابن الجوزي، فقد استفاد منه سبطه في «مرآة الزمان» ، وابن كثير في «البداية والنهاية» ، والذهبي في «تاريخ الإسلام» وغيرهم من المؤرخين الذين جاءوا بعده.
مختصراته والذيول عليه:
لعل من أهم المختصرات هو كتاب «شذور العقود في تاريخ العهود» الّذي اختصر به ابن الجوزي نفسه كتاب «المنتظم» ، فكان بمثابة مختصر للمنتظم وذيلا عليه في نفس الوقت، حيث أضاف ابن الجوزي عليه حوادث أربع سنوات، ولكن بصورة مختصرة.
وقد اختصر أيضا كتاب «المنتظم» الشيخ علاء الدين علي بن محمد المعروف بمصنفك، وسماه: «مختصر المنتظم وملتقط الملتزم» وقد وجه إليه النقد بشدة حيث انه كان به أغلاط صريحة وأوهام.
وهناك مختصر آخر غير معلوم المؤلف يوجد منه نسخة بمعهد المخطوطات، وهو مختصر جدير بالذكر لجودته.
أما الذيول عليه فهي:
1- «الفاخر في ذكر حوادث أيام الإمام الناصر» لمحمد بن محمد القادسي، المتوفى سنة 634 هـ-. ويقع في ستة مجلدات [1] .
2- ذيل على كتاب المنتظم، للإمام العز أبو بكر محفوظ بن معتوف بن البزوري المتوفى سنة 694 هـ-[2] .
تحقيق عنوان الكتاب
اختلفت المصادر في إثبات عنوان الكتاب على النحو التالي:
1- أثبته الإمام الذهبي في «مختصر تاريخ الإسلام» 65/ ب باسم (المنتظم في أخبار الملوك والأمم) .
2- وأثبته الإمام ابن كثير في «البداية والنهاية» 13/ 28 باسم (المنتظم في تواريخ الأمم من العرب والعجم) .
3- وأثبته طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» 1/ 254 باسم (المنتظم في تواريخ الأمم) .
4- وأثبته ابن أبي ألوفا الحنفي في «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» 2/ 72 باسم (المنتظم في حوادث الأمم) .
5- وأثبته سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» 8/ ق 2/ 484 باسم (المنتظم في تواريخ الملوك والأمم) .
6- أما ابن الجوزي نفسه أثبته في صيد الخاصر (من 379) بلفظ: (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) .
وأثبته كذلك في «شذور العقود» وهو مختصر المنتظم. وهذا هو الأساس الّذي قمنا باعتماده لعنوان الكتاب لأنه صادر من المؤلف نفسه.
ومن الجدير بالذكر أن بعض المخطوطات قد عملت عناوين مختلفة منها:
«المنتظم في تاريخ المملكة الإسلامية» ، و «المنتظم في تاريخ الأمم» ، و «المنتظم في أخبار الأمم» ، وغير ذلك [1] .
- 4- عرض للمخطوطات التي تم الاستعانة بها واعتمادها في تحقيق الكتاب
استطعنا- بعون الله تعالى- الحصول على عدة نسخ خطية من كتاب المنتظم نستعرضها فيما يلي: - 1- نسخة أحمد الثالث (الأصل) : - وتتكون من (18) جزءا قمنا بعرضها قبل ذلك، وهذه النسخة تنقص الجزء الأول والثالث عشر، وخطها معتدل. رقم (526 تاريخ) .
2- نسخة تراخانة (ت) . وهي تتكون من 635 ورقة من القطع الكبير. خطها دقيق جدا يصعب قراءتها. (رقم 835 تاريخ) .
3- نسخة كوبرلي. (ك) (رقم 1174) .
4- نسخة أياصوفيا. (ص) . (رقم 3096) .
5- نسخة برلين. (ل) .
6- نسخة الطوبخانة (ط) .
7- نسخة بلدية الإسكندرية (س) .
8- نسخة متحف الآثار بفلسطين (ف) .
9- نسخة الظاهرية (ظ) .
10- نسخة طهران (هـ-) .
11- نسخة المحمودية (ح) .
12- النسخة المطبوعة بالهند (المطبوعة) .
ملاحظات هامة على النسخ:
1- نسخة مكتبة أحمد الثالث من أكمل النسخ حيث انها تنقص الجزء الأول والثالث عشر، بالإضافة إلى أنها واضحة الخط إلى حد ما، ولكن يؤخذ عليها كثرة السقط منها، وأن أغلب حروفها غير منقوطة. وقد حذف الناسخ من أسانيدها الكثير، ويستبدل كلمة (قال أخبرنا) في أكثر الأسانيد ب (نا، أو ثنا، أو أنا) مع حذف (قال) .
إلا أن هذه النسخة بوجه عام هي أحسنها وأصحها، ولذلك اعتبرناها أصلا.
2- نسخة تراخانة تبدو وكأنها كاملة وأن خطها جميل، وليس الأمر كذلك، حيث ان هذه النسخة سقط منها أجزاء كبيرة على الرغم من أن تسلسل الصفحات تام وغير ناقص، ولكن جاء هذا السقط عن طريق تكرار الناسخ لأجزاء أخرى قد سبق نسخها دون أن يدري. بالإضافة إلى أن خط هذه النسخة دقيق للغاية لدرجة أننا اضطررنا إلى تكبير صورة المخطوط أكثر من مرة مع قراءتها بعدسة مكبرة ولكن ظلت الصعوبة كما هي. وقد اعتبرنا هذه النسخة نسخة مساعدة في جميع الأجزاء ما عدا الجزء الأول حيث انها النسخة الوحيدة الموجود منها الجزء الأول.
3- نسخة بلدية إسكندرية: وتبدأ من أحداث سنة 324 هـ حتى نهاية سنة 464 هـ. وهذه النسخة بها نقص قليل مع خطأ في وضع بعض الأوراق في محلها. وقد اعتبرناها نسخة مساعدة. خطها واضح.
4- نسخة متحف الآثار بفلسطين. تبدأ من سنة 245 هـ- وتنتهي بوفيات سنة 279 هـ، هي عبارة عن 170 ورقة.
5- نسخة الظاهرية، وهي عبارة عن الجزء الواقع أحداثه من ولاية عمر بن الخطاب حتى ذكر خلافة علي بن أبي طالب. وخطها سيء للغاية، وهي نسخة قديمة.
6- نسخة طهران عبارة عن عشرة ورقات متفرقة تقع في السنوات 367 هـ حتى 564 هـ.
مصادر و المراجع :
١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
(المتوفى: 597هـ)
تعليقات (0)