المنشورات

ليلة ولادة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ

أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْن المبارك الحافظ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو القاسم عبد الواحد بْن علي بْن مُحَمَّدً بْن فهد العلاف قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو الفرج محمد بن فارس الغوري قال:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن علي بْن أحمد بْن علي بْن أبي قيس قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن أبي الدنيا [7] قَالَ: حَدَّثَنَا علي بْن حرب قَالَ حَدَّثَنَا يعلى بْن عمران البجلي قَالَ: حدثني مخزوم بْن هانئ، عَنْ أَبِيهِ وأتت له خمسون ومائة سنة قَالَ:
لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة [1] ، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الموبذان إبلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها [2] .
فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى، فتصبر عَلَيْهِ تشجعا [3] ، ثم رأى أن لا يكتم ذلك عَنْ وزرائه ومرازبته [4] ، فلبس تاجه، وقعد عَلَى سريره، وجمعهم إليه، فلما اجتمعوا عنده قَالَ: أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا: لا إلا أن يخبرنا الملك. [قَالَ المصنف رحمه اللَّه: رأى كسرى ارتجاس الإيوان وسقوط الشرف فحسب لا المنام، فالمنام للموبذان وهو قاضي قضاتهم] [5] .
فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النار [6] ، فازداد غما إِلَى غمه، فَقَالَ الموبذان: وأنا- أصلح اللَّه الملك- قد رأيت فِي هَذِهِ الليلة. وقص عَلَيْهِ الرؤيا فِي الإبل، فَقَالَ: أي شيء يكون [7] هَذَا يا موبذان؟ فَقَالَ: حادث يكون من عند العرب.
فكتب عند ذلك [إِلَى النعمان بْن المنذر] : [8] من كسرى ملك الملوك إِلَى النعمان بْن المنذر، أما بعد: فوجه إلي/ رجلا عالما بما أريد أن أسأله عنه.
فوجه إليه عَبْد المسيح بْن عمرو بْن حيان بْن بقيلة [9] الغساني. فلما قدم عَلَيْهِ، قَالَ له: هل عندك علم بما أريد [10] أن أسألك عنه قَالَ: ليخبرني الملك. قَالَ: فإن كَانَ عندي منه علم [أخبرته] [1] ، وإلا أخبرته بمن يعلمه، فأخبره بما رأى، فَقَالَ: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام، يقال له: سطيح. قَالَ: فأته فاسأله عما سألتك عنه وائتني بجوابه.
فركب عَبْد المسيح راحلته حَتَّى قدم عَلَى سطيح، وقد أشفى عَلَى الموت، فسلم عَلَيْهِ. وحياه، فلم يخبر سطيح جوابا، فأنشأ عَبْد المسيح يقول:
أصم أم يسمع غطريف اليمن ... [أم فاد فازلم به شأو العنن] [2]
يا فاصل الخطة أعيت من ومن ... وكاشف الكربة عَنْ وجه غضن
أتاك شيخ الحي من آل سنن ... وأمه من آل ذئب بْن حجن
[أزرق بهم الناب صوار الأذن] [3] ... أبيض فضفاض الرداء والبدن
رسول قيل العجم يسري بالرسن ... [لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن]
[4] فلما سمع سطيح [5] شعره رفع رأسه وَقَالَ: عَبْد المسيح، عَلَى جمل مسيح، إِلَى سطيح، وقد أوفى عَلَى الصريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان، رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها. يا عَبْد المسيح، إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات عَلَى عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، فصار عبد المسيح إِلَى أهله وهو يقول:
شمر فإنك ماضي الهم شمير ... لا يفزعنك تفريق وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم ... فإن ذلك أطوار دهارير
/ فربما ربما أضحوا بمنزلة ... يهاب صولتها الأسد المهاصير
منهم أخو الصرح بهرام وإخوته ... والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علات فمن علموا ... أن قد أقل فمحقور ومهجور
وهم بنو الأم إما إن رأوا نشبا ... فذاك بالغيب محفوظ ومنصور
والخير والشر مقرونان من قرن ... والخير متبع والشر محذور
فلما قدم عبد المسيح عَلَى كسرى أخبره بقول سطيح، فَقَالَ:
إِلَى أن يملك منا أربعة عشر ملكا قد كانت أمور، فملك منهم أربعة [1] عشر، عشرة [2] فِي أربع سنين، وملك الباقون إِلَى خلافة عثمان بْن عفان رضي اللَّه عنه [3] .






مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید