المنشورات

حلف الفضول:

وحضره رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم. قاله ابن قتيبة.
سببه: أن قريشا كانت تتظالم فِي الحرم فقام عَبْد اللَّه بْن جدعان والزبير بْن عَبْد المطلب، فدعوا إِلَى التحالف عَلَى التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فأجابوهما، وتحالفوا فِي دار ابن جدعان [4] .
أنبأنا يحيى بن الحسين بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال:
حدثني أَبُو الحسن الأثرم، عَنْ أبي عبيدة [5] قَالَ:
كان سبب حلف الفضول أن رجلا من أهل اليمن قدم مكة ببضاعة فاشتراها رجل من بني سهم فلوى الرجل بحقه، فسأله ماله فأبى عَلَيْهِ، فسأله [متاعه] [1] فأبى عَلَيْهِ، فقام على الحجر وجعل يقول [2] :
بال قصي لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنفر
أقائم من بني سهم بذمتهم ... أم ذاهب فِي ضلال مال معتمر
قَالَ: وَقَالَ بعض العلماء: إن قيس بْن شبة السلمي باع متاعا من أبي بْن خلف فلواه وذهب بحقه، فاستجار برجل من بني جمح فلم يقم بجواره، فَقَالَ قيس بْن شبة [3] :
يال قصي كيف هَذَا فِي الحرم ... وحرمة البيت وأخلاقه الكرم
أظلم لا يمنع مني من ظلم
فقام العباس وأبو سفيان حَتَّى ردا عَلَيْهِ، فاجتمعت بطون من قريش فِي دار عَبْد اللَّه بْن جدعان فتحالفوا عَلَى رد المظالم بمكة وأن لا يظلم أحد إلا منعوه وأخذوا له بحقه، وكان حلفهم فِي دار عَبْد اللَّه بْن جدعان.
فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لقد شهدت حلفا فِي دار [عَبْد اللَّه] [4] بْن جدعان ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به لأجبت» . فَقَالَ [قوم] [5] من قريش: هَذَا والله فضل من الحلف فسمي حلف الفضول [6] .
قَالَ الزبير: وَقَالَ آخرون: تحالفوا عَلَى مثل حلف تحالف عَلَيْهِ قوم من جرهم فِي هَذَا الأمر، أن لا يقروا ظلما ببطن مكة إلا غيروه، وأسماؤهم: الفضل بْن شراعة، والفضل بْن بضاعة، والفضل بن قضاعة.
قَالَ مؤلف الكتاب [1] : والله أعلم أي ذلك كان.
قَالَ الزبير: وحدثني عَبْد العزيز ابن عم العنسي قَالَ:
أهل حلف الفضول [2] : بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو أسد بْن عَبْد العزّى، وبنو زهرة، وبنو تيم، تحالفوا بينهم باللَّه أن لا يظلم أحدا إلا كنا حمية [3] مع المظلوم عَلَى الظالم حَتَّى نأخذ لَهُ مظلمته ممن ظلمه، شريفا كان أو وضيعا [4] .
قَالَ الزبير: وحدثني إِبْرَاهِيم بْن حمزة، عَنْ جدي عَبْد اللَّه بْن مصعب، عَنْ أبيه قَالَ:
إنما سمي حلف الفضول: أنه كان فِي جرهم رجال يردون المظالم يقال لهم:
فضيل، وفضال، ومفضل، وفضل، فلذلك سمي: حلف الفضول [5] .
قَالَ: وحدثني مُحَمَّد بْن حسن، عَنْ نوفل بْن عمارة، عَنْ إِسْحَاق بْن الفضل قَالَ:
إنما سمت قريش هَذَا الحلف حلف الفضول: أن نفرا من جرهم يقال لهم:
الفضل، وفضال، والفضيل، تحالفوا عَلَى مثل ما تحالفت عَلَيْهِ هَذِهِ القبائل [6] .
قَالَ: وحدثني مُحَمَّد بْن حسن [7] ، عَنْ نصر بْن مزاحم، عَنْ معروف بْن خربوذ قَالَ:
تداعت بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد، وتيم فاحتلفوا عَلَى أن لا يدعوا بمكة كلها [8] ولا فِي الأحابيش مظلوما يدعوهم إِلَى نصرته إلا أنجدوه حَتَّى يردوا إليه مظلمته أو يبلوا فِي ذلك عذرا، وكره ذلك سائر المطيبين والأحلاف بأسرهم وسموه حلف الفضول عيبا لهم، وَقَالُوا: هَذَا من فضول القول [1] ، فسمي حلف الفضول [2] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْبَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ قال: أخبرنا ابن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ [3] يَقُولُ:
كَانَ حِلْفُ الْفُضُولِ مُنْصَرَفُ قُرَيْشٍ مِنَ الْفُجَّارِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً [4] .
وأخبرني غير الضحاك [5] قَالَ: كان الفجار فِي شوال، وهذا الحلف فِي ذي القعدة، وكان أشرف حلف كان قط، وأول من دعي إليه الزبير بْن عَبْد المطلب، فاجتمعت بنو هاشم، وبنو زهرة، وتيم، فِي دار عَبْد اللَّه بْن جدعان، فصنع لهم طعاما، فتعاقدوا وتعاهدوا ليكونن مع المظلوم حَتَّى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة، وَفِي التآسي فِي المعاش، فسمت قريش ذلك الحلف: حلف الفضول [6] .
قَالَ مُحَمَّد بْن عُمَرَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْن عَبْد اللَّه بْن عَوْفٍ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَاهِرٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْن مُطْعَمٍ [قَالَ:] [7] قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:

ومن الحوادث من هَذِهِ السنة [5] :
أَنْبَأَنَا عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا عاصم بن الحسين قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن بْن بشران قَالَ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ عَنْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُحَدِّثُكَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله وَأَزْوَاجِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَى وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةٍ إِلَى عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: «إِنِّي مُنْذُ لَيَالٍ يَأْتِينِي آَتٍ مَعَهُ صَاحِبَانِ فَيَنْظُرُونَ إِلَيَّ وَيَقُولُونَ: هُوَ هُوَ وَلَمْ يَأْنِ لَهُ. فَإِذَا كَانَ رَأْيُكَ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ سَاكِتٌ فَقَدْ هَالَنِي ذَلِكَ» .
فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي، لَيْسَ بِشَيْءٍ حَلِمْتُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا عَمُّ، سَطَا بِي الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَوْفِي حَتَّى إِنِّي لأَجِدُ بَرْدَهَا» .
فَخَرَجَ بِهِ عَمُّهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَتَطَبَّبُ بِمَكَّةَ، فَحَدَّثَهُ، وَقَالَ: عَالِجْهُ.
فَصَوِّبْ بِهِ، وَصَعَدَ وكشف عَنْ قَدَمَيْهِ، وَكَشَفَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَقَالَ: يَا عَبْدَ مَنَافٍ، ابْنُكَ هَذَا طَيِّبٌ طَيِّبٌ، لِلْخَيْرِ فِيهِ عَلامَاتٌ، إِنْ ظَفَرَتْ بِهِ يَهُودٌ قَتَلَتْهُ، وَلَيْسَ الَّذِي يَرَى مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَكِنَّهُ مِنَ النَّوَامِيسِ الَّذِينَ يَتَجَسَّسُونَ الْقُلُوبَ لِلنُّبُوَّةِ.
فَرَجَعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَا أَحْسَسْتُ حِسًّا مَا شَاءَ اللَّهُ، حَتَّى رَأَيْتُ فِي مَنَامِي رَجُلا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مِنْكَبِي، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ قَالَ: قلب طيب في جسد طَيِّبٍ. ثُمَّ رَدَّهُ، فَاسْتَيْقَظْتُ» قَالَ: «ثُمَّ رَأَيْتُ وَأَنَا نَائِمٌ سَقْفَ الْبَيْتِ الَّذِي أنا فِيهِ نُزِعَتْ مِنْهُ خَشَبَةٌ، وَأُدْخِلَ سُلَّمٌ فِضَّةٌ، وَنَزَلَ مِنْهُ رَجُلانِ، أَحَدُهُمَا جَانِبًا وَالآَخَرُ إِلَى جَنْبِي، فَنَزَعَ ضِلْعَ جَنْبِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ قَلْبِي، فَقَالَ: نِعْمَ الْقَلْبُ قَلْبُهُ، قَلْبُ رَجُلٍ صَالِحٍ، وَنَبِيٍّ مُبَلِّغٍ، ثُمَّ رَدَّا قَلْبِيَ إِلَى مَكَانِهِ وَضِلْعِي، ثُمَّ صَعَدَا وَالسَّقْفُ عَلَى حَالِهِ، فَشَكَوْتُ إِلَى خَدِيجَةَ فَقَالَتْ: لا يَصْنَعُ اللَّهُ بِكَ إِلا خَيْرًا» . قَالَ مؤلف الكتاب: وسنة إحدى، واثنتين، وثلاث وأربع لم يجز ما يكتب قاسقطته [1]







مصادر و المراجع :

١- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید