المنشورات
العِمَامَة
في اللسان: العِمَامَة بكسر العين: من لباس الرأس معروفة،وربما كنى بها عن البيضة والمغفر، والجمع عمائم وعِمام، وتيجان العرب العمائم (1).
وفي المخصص: والعمامة ما يُلاث على الرأس تكويرًا (2).
وزاد في التاج: العمامة ما يُلفُّ على الرأس (3).
والعمامة لباس عربى؛ فقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعتمُّ؛ وكذلك كان الخلفاء الراشدون؛ وخلفاء بني أمية وبنى العباس؛ فقد كانت طبيعة الحياة الصحراوية تستدعى تغطية الرأس؛ وفي حديث أم سلمة "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يمسح على الخف والخمار"؛ أرادت بالخمار العمامة؛ لأن الرجل يغطى بها رأسه كما أن المرأة تغطيه بخمارها (4).
ولم يكن الخلفاء يخطبون إلا وهم متعممون؛ فيحدثنا المسعودي أن سليمان بن عبد الملك لبس يوم الجمعة في ولايته لباسًا شهر به، وتعطَّر ودعا بتخت فيه عمائم، وبيده مرآة، فلم يزل يعتم بواحدة بعد أخرى حتى رضي منها بواحدة، فأرخى من سدولها (5).
والعرب يطلقون العمامة على قطعة القماش التي تُلفُّ حول الرأس وحدها؛ أو قطعة القماش التي تلف عدة لفات حول الطاقية، والعمامة في العادة بيضاء اللون (6).
وكانت مدينة الأبلة بفارس مشهورة بصُنع العمائم؛ فيحدثنا أبو حامد الغرناطى في رحلته بقوله: "ونذكر من خصائص البلاد في الملابس؛ فيُقال برود اليمن وقصب مصر وديباج الروم وخز السوس وحرير الصين وأكسية فارس وحلل أصبهان وسقلاطون بغداد وعمائم الأبلّة" (7).
وتختلف العمامة باختلاف الطائفة التي تلبسها أو الدين؛ وقد كان العلماء يتميزون بعمائمهم الكبيرة؛ فيحدثنا ابن بطوطة عن أحد علماء الإسكندرية وقاضيها عماد الدين الكندى؛ أنه كان يعتم بعمامة خرقت المعتاد للعمائم؛ لم أر في مشارق الأرض ومغاربها عمامة أعظم منها (1).
وفي مصر وسوريا في العصر المملوكى أُصدرت الأوامر لليهود بأن يلبسوا عمائم صفراء، وللنصارى عمائم زرقاء، والسامرية عمائم حمراء، ثم صار المسلمون يلفون الشاش الأبيض على الطرابيش الحمر أو على القلانس البيض ويسمونها عمامة أو لفَّة (2).
وكان سلطان مصر الملك الأشرف شعبان الذي حكم من سنة 764 إلى سنة 778 هـ أول من أمر بتمييز الأشراف بالعمامة الخضراء.
وأصبح للعمامة الاحترام والإجلال في مصر في العصر المملوكى، ولها في منزل الموسرين كرسى؛ يُسمَّى كرسى العمامة توضع عليه ليلًا، ولا يستعمل هذا الكرسى إلا لهذا الغرض (3).
وقد كان الكُتَّاب القبط في مصر يلبسون العمائم البيضاء، ولكن ما لبث أن أجبرهم السلطان على لبس العمائم المدونة مثل العمائم الزرق؛ وفي ذلك يقول القلقشندى: بل يلبس النصرانى منهم العمامة الزرقاء وطولها عشر أذرع.
وفي عهد الحاكم بأمر اللَّه الفاطمى أصدر أمرًا بأن يلبس اليهود والنصارى العمائم السوداء (4).
والعمامة بصفة عامة غطاء الرأس يتكون من طربوش من الصوف مصبوغ باللون الأحمر، ويوضع تحته طاقية رقيقة تُسمَّى القلنسوة لكي تحمى الطربوش من العرق؛ وتلف فوق الطربوش عمامة يختلف لونها حسب الطائفة أو الدين.
ففي عهد محمد على كانت عمامة الأشراف خضراء اللون، وعمامة العلماء والمشايخ تتميز بضخامة الحجم، وأحيانا تحلَّى بالحرير، أما عامة المسلمين فلون عمامتهم أبيض أو أحمر، وعمامة الأقباط لونها أسود أو بنفسجى أو أحمر غامق (1).
وعمامة العامة عبارة عن شال من الصوف الأبيض أو الأحمر أو الأصفر، أو قطعة من غليظ القطن أو الحرير الموصلي تلف حول طربوش تحته لبدة بيضاء أو سمراء.
يقول أحمد أمين: وقد كانت العمامة في مصر في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين عبارة عن شال
خفيف يُلفّ على الطربوش بعد تكويره، وهي أنواع، منها البيضاء، والسوداء، والخضراء، والحمراء، فالبيضاء هي اللبس العادى للمصريين، والخضراء للأشراف من نسل علي بن أبي طالب، والسوداء لبس الأقباط والصوفية السعديين، والحمراء لباس بعض الصوفية من الطريقة البيومية، وكانت العمامة لباس أكثر المصريين والمسلمين، فألغاها مصطفى كمال أتاتورك إلا على رجال الدين، وألزمهم بلبس القبعة، ومن العمائم نوع ملفوف لفًا محكمًا كعمائم الأقباط ويسمونها مُقلة (2).
ويحكى لنا إدوارد لين حكاية تؤكد مدى الاحترام والإجلال اللذين حظيت بهما العمامة في مصر؛ فقد رووا أن عالمًا سقط من فوق حماره في شارع من شوارع المدينة فتدحرجت عمامته بعيدًا عنه، فتجمع المارون وأخذوا يجرون وراء العمامة صائحين: ارفعوا تاج الإِسلام، ارفعوا تاج الإِسلام؛ بينما كان العالم المسكين طريح الأرض يناديهم مغتاظًا: أنهضوا أولًا شيخ الإِسلام (1).
ويحدثنا المقرى عن زى أهل الأندلس فذكر أن الغالب على شرق الأندلس ترك العمائم؛ وذلك لأن شرق الأندلس تأثر بزى النصارى المجاورين لهم، على حين لا ترى في غريب الأندلس قاضيًا ولا فقيهًا مشارًا إليه إلا وهو بعمامة، والذؤابة لا يرخيها إلا العالم، ولا يصرفونها بين الأكتاف، وإنما يسدلونها من تحت الأذن اليسرى (2)
مصادر و المراجع :
١- المعجم العربي لأسماء الملابس «في ضوء المعاجم والنصوص الموثقة من
الجاهلية حتى العصر الحديث»
إعداد: د. رجب عبد الجواد إبراهيم (كلية الآداب - جامعة حلوان)
تقديم: أ. د/ محمود فهمي حجازي (كلية الآداب - جامعة القاهرة، عضو مجمع
اللغة العربية)
31 ديسمبر 2023
تعليقات (0)