المنشورات

المِنْديِل

المِنْدِيل بكسر الميم وسكون النون: كلمة لاتينية مُعرَّبة؛ وأصلها في اللاتينية: Mantele منتيل: واللفظ مركب من: Manus مانوس: أي يد، ومن: Tela تيلا: أي نسيج؛ ومعناها كاملًا قطعة النسيج التي كانت تستخدم لتجفيف اليدين بعد الأكل أو توضع على الصدر عند الجلوس على مائدة الطعام.
ولعل اللغات السامية هي الوحيدة التي استخدمت هذه الكلمة في معنى يقرب من معناها الأصلى؛ وذلك لأن كثيرًا من اللغات الهندوأوربية التي استعارتها أطلقتها على المعطف، كما في الألمانية: Mantel منتل، والإنجليزية Mantle والفرنسية Manteau منتو، كما تستعمله الأسبانية للدلالة على غطاء الرأس عند النساء: Mantilla منتيلا كما هو الحال في العربية المصرية (1).
ويؤكد الأصل اللاتينى للكلمة معجم Oxford ومعجم Webster فأصلها في اللاتينية عندهما: Man-tel-et وتعنى: نسيج يُمسح به العرق، منشفة، غطاء، واقى، قماش متحرك أو غير متحرك، ستار (2).
والمِنْدِيل في المعاجم العربية هو: الذي يُتمسَّح به من أثر الوضوء أو الطهور؛ وقالوا إن اشتقاقه من النَّدْل الذي هو الوسخ، أو من النَّدْل الذي هو التناول؛ ووزنه عندهم: مِفْعِيل؛ الميم فيه زائدة، والجمع: المناديل.
واشتقوا منه أفعالًا فقالوا: تندَّل وتمندل أي تمسَّح من أثر الوضوء والطهور (3).

والمنديل: نسيج من قطن أو حرير أو نحوهما مربع الشكل يُمسح به العرق أو الماء (1).
وللمنديل استعمالات كثيرة وردت من خلال النصوص الموثَّقة، فالمنديل اسم لما يُتمسح به، ورد في صحيح البخاري: عن البراء رضي اللَّه عنه قال: أُهدى للنبى -صلى اللَّه عليه وسلم- ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجَّب منه فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أتعجبون من هذا؟ قلنا: نعم، قال: مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا" (2).
وقد خصَّ المناديل بالذكر لكونها تمتهن فيكون ما فوقها أعلى منها بطريق الأولى.
وقد يكون المنديل قطعة من القماش المزركش يغطى بها أطباق الحلوى والفاكهة؛ فعند المسعودى: ثم كشف المنديل فإذا أطباق بعضها فوق بعض، في أحدها فستق، وفى الآخر بندق، إلى غير ذلك من الفاكهة" (3). وعند ابن بطوطة: "وصنعت أحد عشر طيفورًا وملأتها بالحلواء، وغطت كل طيفور بمنديل حرير" (4).
وقد يُستعمل المنديل لتنشيف الجسد بعد الاستحمام. فعند المسعودى: وبكنيسة الرها منديل يعظمه النصارى، وذلك أن يسوع الناصرى حين أخرج من ماء المعمودية تنشف به، فلم يزل هذا المنديل يتداول إلى أن قرر بكنيسة الرها" (5).
وعند ابن بطوطة: "فغارت لذلك وسَمَّته في منديل مسحته به بعد الجماع، فمات وانقرض عقبه" (6).
وقد يُشد المنديل على الوسط فوق الثياب فيكون بديلًا للحزام أو المنطقة؛ فعند ابن بطوطة: "عليهم الثياب الفاخرة، وأوساطهم مشدودة بمناديل الحرير". وعنده أيضًا: "وهو مشدود بمنديل" (1).
وقد يكون المنديل عوضًا عن العمامة يُلف به الرأس: فعند المسعودى: "فأُتى بالمعتز وعليه قميص مدنَّس، وعلى رأسه منديل" (2) وعند ابن بطوطة: "وبعضهم يجعل عمامة، وبعضهم يجعل منديلا صغيرًا عوضًا منها" (3). وعنده أيضًا: ولم يكشفوا رؤوسهم، وجعلوا عليها مناديل من الصوف الأسود عوضًا عن العمائم" (4).
وقد يتخذ المنديل كممسحة يُمسح به الوجه من العرق أو عند البكاء: فعند ابن بطوطة: "وبكت ومسحت وجهها بمنديل كان بين يديها رقة منها وشفقة" (5).
وقد يُطلق المنديل على نسيج من القطن المصري الموشى والمنقوش والمخطط يتخذه السلطان شارة أو علامة على أمر موجَّه للرعية؛ كما عند ابن بطوطة: "فإذا جلس أخرج من شباك إحدى الطاقات شرابة حرير قد ربط فيها منديل مصرى مرقوم، فإذا رأى الناس المنديل ضربت الأطبال والأبواق" (6).
وقد يُعصب بالمنديل العينان قبل توقيع عقوبة القتل، فيحكى المسعودى أن جعفر البرمكى قبل أن يُقتل أخرج من كمه منديلًا صغيرًا فعصب به عينيه، ومد رقبته فضربها ياسر وأدخل رأسه إلى الرشيد" (7).
والمنديل -كما يقول القَلْقَشنْدِى- من شارات الخلافة والملك في العصر الإسلامى، وهو بكسر الميم لا كما تلفظه العامة بالفتح، يُجعل في المنطقة المشدودة من الوسط، ولبعض الخلفاء في العصر الفاطمى منديل لكل بدلة من لونها.
وقد جرى الاصطلاح في بعث المنديل مع الخاتم لتأمين الخائف (8).
وفى الصين مناديل تُسمَّى مناديل الغمر -كما في رحلة الغرناطى- وهذه المناديل إذا اتسخت ألقيت في النار فتُنقَّى ولا تحترق (1)، والغَمْر في اللغة: الواسع الساتر، أو الزعفران، أو طلاء يُتخذ من الزعفران أو الكركم، فتكون هذه المناديل، واسعة، أو مطلية بالزعفران أو مطلية بالكُرْكُم، ولذا سُمِّيت: منادل الغمر.






مصادر و المراجع :

١- المعجم العربي لأسماء الملابس «في ضوء المعاجم والنصوص الموثقة من الجاهلية حتى العصر الحديث»

إعداد: د. رجب عبد الجواد إبراهيم (كلية الآداب - جامعة حلوان)

تقديم: أ. د/ محمود فهمي حجازي (كلية الآداب - جامعة القاهرة، عضو مجمع اللغة العربية)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید