المنشورات

نَار الله

قَالَ الجاحظ كل شىء أَضَافَهُ الله تَعَالَى إِلَى نَفسه فقد عظم شَأْنه وشدد أمره وَقد فعل ذَلِك بالنَّار فَقَالَ {نَار الله الموقدة}
وَحكى ابو مَنْصُور العبدونى الْكَاتِب قَالَ تنجزت جَوَازًا لرجل قَبِيح الْخلقَة وخش الصُّورَة غَايَة فِي الدمامة والسماجة فَلم يقدر الْكَاتِب على تمليته فَكتب يَأْتِيك بِهَذَا الْجَوَاز آيَة من آيَات الله ونذره فَدَعْهُ يذهب إِلَى نَار الله وسقره
وقرأت فِي أَخْبَار أَبى دلامة زيد بن الجون أَنه أَخذ لَيْلَة وَهُوَ سَكرَان فخرق طيلسانه وَحبس فَكتب من الْغَد إِلَى الْمَنْصُور أبياتا مِنْهَا
(أَمن صهباء صَافِيَة المزاج ... كَأَن شعاعها ضوء السراج)
(وَقد طبخت بِنَار الله حَتَّى ... لقد صَارَت من النطف النضاج)
(أقاد إِلَى السجون بِغَيْر جرم ... كأنى بعض عُمَّال الْخراج)
(أَمِير الْمُؤمنِينَ فدتك نفسى ... علام حبستنى وخرقت ساجى)
(أَلا إنى وَإِن لاقيت شرا ... لخيرك بعد هَذَا الشَّرّ راج)
فاستدعاه واستنشده الأبيات فأنشده إِيَّاهَا فَأمر لَهُ بِأَلف دِرْهَم فَلَمَّا ولي ليخرج قَالَ الرّبيع أفهم أَمِير الْمُؤمنِينَ معنى قَوْله وَقد طبخت بِنَار الله قَالَ قد فهمت فَمَا عَنى بهَا قَالَ عَنى بهَا الشَّمْس فَقَالَ على بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ يَا عَدو الله مَا عنيت بِنَار الله قَالَ {نَار الله الموقدة الَّتِي تطلع} على فؤاد من أخْبرك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَضَحِك مِنْهُ وَأمره بالانصراف




مصادر و المراجع :

١- ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید